responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 377
الرَّبِّ تَعَالَى، وَيُؤَيِّدُهُ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ، وَالْهَمْزَةُ فِي أَتَسْتَبْدِلُونَ لِلْإِنْكَارِ، وَالِاسْتِبْدَالُ: الِاعْتِيَاضُ. وَقَرَأَ أُبَيٌّ: أَتُبَدِّلُونَ، وَهُوَ مَجَازٌ لِأَنَّ التَّبْدِيلَ لَيْسَ لَهُمْ إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، لَكِنَّهُمْ لَمَّا كَانُوا يَحْصُلُ التَّبْدِيلُ بِسُؤَالِهِمْ جُعِلُوا مُبَدِّلِينَ، وَكَانَ الْمَعْنَى: أَتَسْأَلُونَ تَبْدِيلَ. الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَالَّذِي: مَفْعُولُ أَتَسْتَبْدِلُونَ، وَهُوَ الْحَاصِلُ، وَالَّذِي دَخَلَتْ عَلَيْهِ الْبَاءُ هُوَ الزَّائِلُ، كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي غَيْرِ مَكَانٍ. هُوَ أَدْنَى:
صِلَةٌ لِلَّذِي، وَهُوَ هُنَا وَاجِبُ الْإِثْبَاتِ عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ، إِذْ لَا طُولَ فِي الصِّلَةِ، وَأَدْنَى:
خَبَرٌ عَنْ هُوَ، وَهُوَ: أفعل التفضيل، ومن وَمَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ حَذْفًا لِلْعِلْمِ، وَحَسَّنَ حَذْفَهُمَا كَوْنُ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ خَبَرًا، فَإِنْ وَقَعَ غَيْرَ خَبَرٍ مِثْلَ كَوْنِهِ حَالًا أَوْ صِفَةً قَلَّ الْحَذْفُ وَتَقْدِيرُهُ: أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ الْوَاحِدِ، وَحَسَّنَ حَذْفَهُمَا أَيْضًا كَوْنُ الْمُفَضَّلِ عَلَيْهِ مَذْكُورًا بَعْدَ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُهُ: بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَأَفْرَدَ: الَّذِي هُوَ أَدْنى لِأَنَّهُ أَحَالَ بِهِ عَلَى الْمَأْكُولِ الَّذِي هُوَ مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ، وَعَلَى مَا مِنْ قَوْلِهِ: مِمَّا تُنْبِتُ، فَيَكُونُ قَدْ رَاعَى الْمُبْدَلَ مِنْهُ، إِذْ لَوْ رَاعَى الْبَدَلَ لَقَالَ: أَتَسْتَبْدِلُونَ اللَّاتِي هِيَ أَدْنَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي أَدْنَى عِنْدِ الْكَلَامِ عَلَى الْمُفْرَدَاتِ، وَذَكَرْنَا الْأَقَاوِيلَ الثَّلَاثَةَ فِيهَا. وَقَرَأَ زُهَيْرٌ الْفُرْقُبِيُّ، وَيُقَالُ لَهُ زُهَيْرٌ الْكِسَائِيُّ: أدنأ بالهمز، ووقع البعض مَنْ جَمَعَ فِي التَّفْسِيرِ، وَهْمٌ فِي نِسْبَةِ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ لِلْكِسَائِيِّ، فَقَالَ:
وَقَرَأَ زُهَيْرٌ وَالْكِسَائِيُّ شَاذًّا: أَدْنَأُ، فَظَنَّ أَنَّ هَذِهِ قِرَاءَةُ الْكِسَائِيُّ، وَجَعَلَ زُهَيْرًا وَالْكِسَائِيَّ شَخْصَيْنِ، وَإِنَّمَا هُوَ زُهَيْرٌ الْكِسَائِيُّ يُعْرَفُ بِذَلِكَ، وَبِالْفُرْقُبِيِّ، فَهُوَ رَجُلٌ وَاحِدٌ. فَأَمَّا تَفْسِيرُ:
الْأَدْنَى وَالْخَيْرِ هُنَا فَفِيهِ أَقَاوِيلُ: أَحَدُهَا: قَالَ الزَّجَّاجُ: تَفَاضُلُ الْأَشْيَاءِ بِالْقِيَمِ، وَهَذِهِ الْبُقُولُ لَا خَطَرَ فِيهَا وَلَا عُلُوَّ قِيمَةٍ، والمنّ والسلوى هما أعلا قِيمَةً وَأَعْظَمُ خَطَرًا، وَاخْتَارَ هَذَا الزَّمَخْشَرِيُّ، قَالَ: أَقْرَبُ مَنْزِلَةً وَأَهْوَنُ مِقْدَارًا، وَالدُّنُوُّ وَالْقُرْبُ يُعَبَّرُ بِهِمَا عَنْ قِلَّةِ الْمِقْدَارِ فَيُقَالُ: هُوَ أَدْنَى الْمَحَلِّ وَقَرِيبُ الْمَنْزِلَةِ، كما يعبر بالعبد عَنْ عَكْسِ ذَلِكَ فَيُقَالُ: بَعِيدُ الْمَحَلِّ بَعِيدُ الْمَنْزِلَةِ، يُرِيدُونَ الرِّفْعَةَ وَالْعُلُوَّ. انْتَهَى كَلَامُهُ، وَهُوَ مِنْ كَلَامِ الزَّجَّاجِ. وَالثَّانِي:
أَنَّ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى هُوَ الَّذِي مَنَّ اللَّهُ بِهِ وَأَمَرَهُمْ بِأَكْلِهِ، وَفِي اسْتِدَامَةِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَشُكْرِ نِعْمَتِهِ أَجْرٌ وَذُخْرٌ فِي الْآخِرَةِ، وَالَّذِي طَلَبُوهُ عَارٍ مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ فَكَانَ أَدْنَى مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ التَّفْضِيلَ يَقَعُ مِنْ جِهَةِ الطِّيبِ وَاللَّذَّةِ، وَالْمَنُّ وَالسَّلْوَى لَا شَكَّ أَنَّهُمَا أَطْيَبُ مِنَ الْبُقُولِ الَّتِي طَلَبُوهَا. الرَّابِعُ: أَنَّ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى لَا كُلْفَةَ فِي تَحْصِيلِهِ وَلَا تَعَبَ وَلَا مَشَقَّةَ، وَالْبُقُولُ لَا تَحْصُلُ إِلَّا بَعْدَ مَشَقَّةِ الْحَرْثِ وَالزَّرْعِ وَالْخِدْمَةِ وَالسَّقْيِ، وَمَا حَصَلَ بِلَا مَشَقَّةٍ خَيْرٌ مِمَّا حَصَلَ بِمَشَقَّةٍ. الْخَامِسُ: أَنَّ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى لَا شَكَّ فِي حِلِّهِ وَخُلُوصِهِ لِنُزُولِهِ مِنْ عِنْدِ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 377
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست