responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 369
أَنْ يَكُونَ مُسْتَقْبَلًا، وَإِذَا كَانَ مُسْتَقْبَلًا امْتَنَعَ أَنْ تَدْخُلَ عَلَيْهِ قَدِ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ لَا تَدْخُلَ فِي شِبْهِ جَوَابِ الشَّرْطِ عَلَى الْمَاضِي إِلَّا وَيَكُونُ مَعْنَاهُ مَاضِيًا نَحْوَ الْآيَةِ، وَنَحْوَ قَوْلِهِمْ: إِنْ تُحْسِنْ إِلَيَّ فَقَدْ أَحْسَنْتُ إِلَيْكَ، وَيَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ، كَمَا ذَكَرْنَا. وَلَيْسَ هَذَا الْفِعْلُ بِدُعَاءٍ فَتَدْخُلُهُ الْفَاءُ فَقَطْ وَيَكُونُ مَعْنَاهُ الِاسْتِقْبَالُ، وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْمَاضِي نَحْوَ: إِنْ زُرْتَنِي فَغَفَرَ اللَّهُ لَكَ.
وَأَيْضًا فَالَّذِي يُفْهَمُ مِنَ الْآيَةِ أَنَّ الِانْفِجَارَ قَدْ وَقَعَ وَتَحَقَّقَ، وَلِذَلِكَ قَالَ: قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا [1] ، وَجَعْلُهُ جَوَابَ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ هَذَا الرَّجُلُ يَجْعَلْهُ غَيْرَ وَاقِعٍ، إِذْ يَصِيرُ مُسْتَقْبَلًا لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِ مُسْتَقْبَلٍ، وَالْمُعَلَّقُ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِ مُسْتَقْبَلٍ لَا يَقْتَضِي إِمْكَانَهُ فَضْلًا عَنْ وُجُودِهِ، فَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فَاسِدٌ فِي التَّرْكِيبِ الْعَرَبِيِّ، وَفَاسِدٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، فَوَجَبَ طَرْحُهُ، وَأَيْنَ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ: وَهِيَ عَلَى هَذَا فَاءٌ فَصِيحَةٌ لَا تَقَعُ إِلَّا فِي كَلَامٍ بَلِيغٍ؟ وَجَاءَ هُنَا: انفجرت وفي الأعراف: فَانْبَجَسَتْ [2] ، فَقِيلَ: هُمَا سَوَاءٌ، انْفَجَرَ وَانْبَجَسَ وَانْشَقَّ مُتَرَادِفَاتٌ. وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا فَرْقٌ، وَهُوَ أَنَّ الِانْبِجَاسَ هُوَ أَوَّلُ خُرُوجِ الْمَاءِ، وَالِانْفِجَارَ اتِّسَاعُهُ وَكَثْرَتُهُ. وَقِيلَ: الِانْبِجَاسُ خُرُوجُهُ مِنَ الصُّلْبِ، وَالِانْفِجَارُ خُرُوجُهُ مِنَ اللَّيِّنِ. وَقِيلَ: الِانْبِجَاسُ هُوَ الرَّشْحُ، وَالِانْفِجَارُ هُوَ السَّيَلَانُ، وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ اسْتِعْمَالُهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، لِأَنَّ الْآيَتَيْنِ قِصَّةٌ وَاحِدَةٌ.
مِنْهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: فَانْفَجَرَتْ، وَمِنْ هُنَا لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْحَجَرِ الْمَضْرُوبِ، فَانْفِجَارُ الْمَاءِ كَانَ مِنَ الْحَجَرِ لَا مِنَ الْمَكَانِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ
»
، وَلَوْ كَانَ هَذَا التَّرْكِيبُ فِي غَيْرِ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى لَأَمْكَنَ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَى الضَّرْبِ، وَهُوَ الْمَصْدَرُ الْمَفْهُومُ مِنَ الْكَلَامِ قَبْلَهُ، وَأَنْ تَكُونَ مِنْ لِلسَّبَبِ، أَيْ فَانْفَجَرَتْ بِسَبَبِ الضَّرْبِ، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُرْتَكَبَ مِثْلُ هَذَا فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ إِلَّا عَلَى أَحْسَنِ الْوُجُوهِ فِي التَّرْكِيبِ وَفِي الْمَعْنَى، إِذْ هُوَ أَفْصَحُ الْكَلَامِ.
وَفِي هَذَا الِانْفِجَارِ مِنَ الْإِعْجَازِ ظُهُورُ نَفْسِ الْمَاءِ مَنْ حَجَرٍ لَا اتِّصَالَ لَهُ بِالْأَرْضِ، فَتَكُونُ مَادَّتُهُ مِنْهَا، وَخُرُوجُهُ كَثِيرًا مِنْ حَجَرٍ صَغِيرٍ، وَخُرُوجُهُ بِقَدْرِ حَاجَتِهِمْ، وَخُرُوجُهُ عِنْدَ الضَّرْبِ بِالْعَصَا، وَانْقِطَاعُهُ عِنْدَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ.
اثْنَتا عَشْرَةَ: التَّاءُ فِي اثْنَتَا لِلتَّأْنِيثِ، وَفِي ثِنْتَا لِلْإِلْحَاقِ، وَهَذِهِ نَظِيرُ ابْنَةٍ وَبِنْتٍ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: عَشْرَةَ بِسُكُونِ الشِّينِ. وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ، وَطَلْحَةُ، وَعِيسَى، ويحيى بن وثاب،

[1] سورة البقرة: 2/ 60.
[2] سورة الأعراف: 7/ 160.
(3) سورة البقرة: 2/ 74.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 369
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست