responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 363
فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا: ظَاهِرُهُ انْقِسَامُهُمْ إِلَى ظَالِمِينَ وَغَيْرِ ظَالِمِينَ، وَأَنَّ الظَّالِمِينَ هُمُ الَّذِينَ بَدَّلُوا، فَإِنْ كَانَ كُلُّهُمْ بَدَّلُوا، كَانَ ذَلِكَ مِنْ وَضْعِ الظَّاهِرِ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ إِشْعَارًا بِالْعِلَّةِ، وَكَأَنَّهُ قِيلَ: فَبَدَّلُوا، لَكِنَّهُ أَظْهَرَهُ تَنْبِيهًا عَلَى عِلَّةِ التَّبْدِيلِ، وَهُوَ الظُّلْمُ، أَيْ لَوْلَا ظُلْمُهُمْ مَا بَدَّلُوا، وَالْمُبْدَلُ بِهِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا بِقَوْلِهِمْ حِطَّةً. قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ: وَلَمَّا كَانَ مَحْذُوفًا نَاسَبَ إِضَافَةُ غَيْرَ إِلَى الِاسْمِ الظَّاهِرِ بَعْدَهَا. وَالَّذِي قِيلَ لَهُمْ هُوَ أَنْ يَقُولُوا حِطَّةٌ، فَلَوْ لَمْ يُحْذَفْ لَكَانَ وَجْهُ الْكَلَامِ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا بِقَوْلِهِمْ حِطَّةً قَوْلًا غَيْرَهُ، لَكِنَّهُ لَمَّا حُذِفَ أَظْهَرَ مُضَافًا إِلَيْهِ غَيْرَ لِيَدُلَّ، عَلَى أَنَّ الْمَحْذُوفَ هُوَ هَذَا الْمُظْهَرُ، وَهُوَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ. وَهَذَا التَّقْدِيرُ الَّذِي قَدَّرْنَاهُ هُوَ عَلَى وَضْعِ بَدَلٍ إِذِ الْمَجْرُورُ هُوَ الزَّائِلُ، وَالْمَنْصُوبُ هُوَ الْحَاصِلُ. وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْقَوْلِ الَّذِي قَالُوهُ بَدَلَ أَنْ يَقُولُوا:
حِطَّةٌ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَوَهْبٌ وَابْنُ زَيْدٍ: حِنْطَةٌ، وَقَالَ السُّدِّيُّ عَنْ أَشْيَاخِهِ: حِنْطَةٌ حَمْرَاءُ، وَقِيلَ: حِنْطَةٌ بَيْضَاءُ مَثْقُوبَةٌ فِيهَا شَعْرَةٌ سَوْدَاءُ، وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ:
سُنْبُلَةٌ، وَقَالَ السُّدِّيُّ وَمُجَاهِدٌ أَيْضًا: هَطَا شمهاثا، وَقِيلَ: حَطَى شمعاثا، وَمَعْنَاهَا فِي هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ: حِنْطَةٌ حَمْرَاءُ، وَقِيلَ: حِنْطَةٌ بَيْضَاءُ مَثْقُوبَةٌ فِيهَا شَعْرَةٌ. وَقِيلَ: حَبَّةٌ فِي شَعِيرَةٍ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: حِنْطَةٌ حَمْرَاءُ فِيهَا شَعِيرٌ،
وَقِيلَ: حِنْطَةٌ فِي شَعِيرٍ، رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقِيلَ: حَبَّةُ حِنْطَةٍ مَقْلُوَّةٍ فِي شَعْرَةٍ، وَقِيلَ: تَكَلَّمُوا بِكَلَامِ النِّبَطِيَّةِ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِهْزَاءِ وَالِاسْتِخْفَافِ. وَقِيلَ: إِنَّهُمْ غَيَّرُوا مَا شُرِعَ لَهُمْ وَلَمْ يَعْمَلُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ.
وَالَّذِي
ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَّرَ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا: حَبَّةٌ فِي شَعْرَةٍ
، فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ وَاطِّرَاحُ تِلْكَ الْأَقْوَالِ، وَلَوْ صَحَّ شَيْءٌ مِنَ الْأَقْوَالِ السَّابِقَةِ لَحُمِلَ اخْتِلَافُ الْأَلْفَاظِ عَلَى اخْتِلَافِ الْقَائِلِينَ، فَيَكُونُ بَعْضُهُمْ قَالَ: كَذَا، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: كَذَا، فَلَا يَكُونُ فِيهَا تَضَادٌّ. وَمَعْنَى الْآيَةِ: أَنَّهُمْ وَضَعُوا مَكَانَ مَا أُمِرُوا بِهِ مِنَ التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ قَوْلًا مُغَايِرًا لَهُ مُشْعِرًا بِاسْتِهْزَائِهِمْ بِمَا أُمِرُوا بِهِ، وَالْإِعْرَاضِ عَمَّا يَكُونُ عنه غفران خطيآتهم. كُلُّ ذَلِكَ عَدَمُ مُبَالَاةٍ بِأَوَامِرِ اللَّهِ، فَاسْتَحَقُّوا بِذَلِكَ النَّكَالَ.
فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً: كَرَّرَ الظَّاهِرَ السَّابِقَ زِيَادَةً فِي تَقْبِيحِ حَالِهِمْ وَإِشْعَارًا بِعِلِّيَّةِ نُزُولِ الرِّجْزِ. وَقَدْ أُضْمِرَ ذَلِكَ فِي الْأَعْرَافِ فَقَالَ: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ، لِأَنَّ الْمُضْمَرَ هُوَ الْمُظْهَرُ. وَقَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ: رُجْزًا بِضَمِّ الرَّاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا لُغَةٌ فِي الرِّجْزِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي الرِّجْزِ هُنَا، فَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: هُوَ غَضَبُ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: طَاعُونٌ أَهْلَكَ مِنْهُمْ فِي سَاعَةٍ سَبْعِينَ أَلْفًا، وَقَالَ وَهْبٌ: طَاعُونٌ عُذِّبُوا بِهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ مَاتُوا بَعْدَ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 363
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست