responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 307
وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ [1] وَقَرَأَ ابْنُ السَّمَّاكِ الْعَدَوِيُّ لَا تَجْزِي مِنْ أَجْزَأَ، أَيْ أَغْنَى، وَقِيلَ جَزَا، وَأَجْزَأَ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِلْيَوْمِ، وَالرَّابِطُ مَحْذُوفٌ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: لَا تَجْزِي فِيهِ، فَحُذِفَ حَرْفُ الْجَرِّ، فَاتَّصَلَ الضَّمِيرُ بِالْفِعْلِ، ثُمَّ حُذِفَ الضَّمِيرُ، فَيَكُونُ الْحَذْفُ بِتَدْرِيجٍ أَوْ عَدَّاهُ إِلَى الضَّمِيرِ أَوَّلًا اتِّسَاعًا. وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي عَلِيٍّ، وَإِيَّاهُ نَخْتَارُ. قَالَ الَمَهْدَوِيُّ: وَالْوَجْهَانِ، يَعْنِي تَقْدِيرَهُ: لَا تَجْزِي فِيهِ وَلَا تَجْزِيهِ جَائِزَانِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ وَالْأَخْفَشِ وَالزَّجَّاجِ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: لَا يَكُونُ الْمَحْذُوفُ إِلَّا لهاء، قَالَ: لَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ: هَذَا رَجُلٌ قَصَدْتُ، وَلَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَرْغَبُ، وَأَنْتَ تُرِيدُ قَصَدْتُ إِلَيْهِ وَأَرْغَبُ فِيهِ، انْتَهَى. وَحَذْفُ الضَّمِيرِ مِنَ الْجُمْلَةِ الْوَاقِعَةِ صِفَةً جَائِزٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
فَمَا أَدْرِي أَغَيْرُهُمْ تَنَاءَ ... وَطُولُ الْعَهْدِ أَمْ مَالٌ أَصَابُوا
يُرِيدُ: أَصَابُوهُ، وَمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ تَعْيِينِ الرَّبْطِ أَنَّهُ فِيهِ، أَوِ الضَّمِيرُ هُوَ الظَّاهِرُ، وَقَدْ يَجُوزُ عَلَى رَأْيِ الْكُوفِيِّينَ أَنْ يَكُونَ ثَمَّ رَابِطٌ، وَلَا تَكُونَ الْجُمْلَةُ صِفَةً، بَلْ مُضَافٌ إِلَيْهَا يَوْمَ مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ، التَّقْدِيرُ: وَاتَّقُوا يَوْمًا يَوْمَ لَا تَجْزِي، فَحُذِفَ يَوْمُ لِدَلَالَةِ يَوْمًا عَلَيْهِ، فَيَصِيرُ الْمَحْذُوفُ فِي الْإِضَافَةِ نَظِيرُ الْمَلْفُوظِ بِهِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى: هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ [2] ، وَنَظِيرُ يَوْمَ لَا تَمْلِكُ، لَا تَحْتَاجُ الْجُمْلَةُ إِلَى ضَمِيرٍ، وَيَكُونُ إِعْرَابُ ذَلِكَ الْمَحْذُوفِ بَدَلًا، وَهُوَ بَدَلُ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
رَحِمَ اللَّهُ أَعْظُمًا دَفَنُوهَا ... بِسِجِسْتَانَ طَلْحَةَ الطَّلَحَاتِ
فِي رِوَايَةِ مَنْ خَفَضَ التَّقْدِيرُ أَعْظُمِ طَلْحَةَ. وَقَدْ قَالَتِ الْعَرَبُ: يُعْجِبُنِي الْإِكْرَامُ عِنْدَكَ سَعْدٌ، بِنِيَّةِ: يُعْجِبُنِي الْإِكْرَامُ إِكْرَامُ سَعْدٍ. وَحَكَى الْكِسَائِيُّ عَنِ الْعَرَبِ: أَطْعَمُونَا لَحْمًا سَمِينًا شَاةً ذَبَحُوهَا، أَيْ لَحْمَ شَاةٍ. وَحَكَى الْفَرَّاءُ عَنِ الْعَرَبِ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ الْعِلْمَ الْكَبِيرَةَ سِنُّهُ، الدَّقِيقَ عَظْمُهُ، على تقديره: لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْكَبِيرَةِ سِنُّهُ، فَحُذِفَ الثَّانِي اعْتِمَادًا عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَمْ يُجِزِ الْبَصْرِيُّونَ مَا أَجَازَهُ الْكُوفِيُّونَ مِنْ حَذْفِ الْمُضَافِ وَتَرْكِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ عَلَى خَفْضِهِ فِي: يُعْجِبُنِي الْقِيَامُ زَيْدٍ، وَلَا يَبْعُدُ تَرْجِيحُ حَذْفِ يَوْمَ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ بِهَذَا الْمَسْمُوعِ الَّذِي حَكَاهُ الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ عَنِ الْعَرَبِ. وَيُحَسِّنُ هَذَا التَّخْرِيجَ كَوْنُ الْمُضَافِ إِلَيْهِ جُمْلَةً، فَلَا يَظْهَرُ فِيهَا إِعْرَابٌ، فَيَتَنَافَرُ مَعَ إِعْرَابِ مَا قَبْلَهُ، فَإِذَا جَازَ ذَلِكَ فِي نَثْرِهِمْ مَعَ التَّنَافُرِ، فَلَأَنْ يَجُوزَ مَعَ عَدَمِ التَّنَافُرِ أَوْلَى. وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنَ الْمُعْرِبِينَ وَالْمُفَسِّرِينَ

[1] سورة آل عمران: 3/ 28.
[2] سورة المرسلات: 77/ 35.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 307
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست