responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 301
فَهِيَ مِنَ الْوَاحِدِ كَقَوْلِهِمْ: طَارَقْتُ النَّعْلَ، وَعَاقَبْتُ اللِّصَّ، وَعَافَاكَ اللَّهُ، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ:
وَهَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّ لَقِيَ يَتَضَمَّنُ مَعْنَى لَاقَى، وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ الْأَفْعَالُ كُلُّهَا، بَلْ فَعَلَ خِلَافٌ فِي الْمَعْنَى لِفَاعَلَ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَيَحْتَاجُ إِلَى شَرْحٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ضَعَّفَهُ مِنْ حَيْثُ أن مادة لقي تتضمن مَعْنَى الْمُلَاقَاةِ، بِمَعْنَى أَنَّ وَضْعَ هَذَا الْفِعْلِ، سَوَاءٌ كَانَ مُجَرَّدًا أَوْ عَلَى فَاعِلٍ، مَعْنَاهُ وَاحِدٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّ مَنْ لَقِيَكَ فَقَدْ لَقِيتَهُ، فَهُوَ لِخُصُوصِ مادته يَقْتَضِي الْمُشَارَكَةِ، وَيَسْتَحِيلُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ لِوَاحِدٍ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَاعَلَ يَكُونُ لِمُوَافَقَةِ الْفِعْلِ الْمُجَرَّدِ، وَهَذَا أَحَدُ مَعَانِي فَاعَلَ، وَهُوَ أَنْ يُوَافِقَ الْفِعْلَ الْمُجَرَّدَ. وَقَوْلُ ابْنِ عَطِيَّةَ: وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ الْأَفْعَالُ كُلُّهَا كَلَامٌ صَحِيحٌ، أَيْ لَيْسَتِ الْأَفْعَالُ مُجَرَّدُهَا بِمَعْنَى فَاعَلَ، بَلْ فَاعَلَ فِيهَا يَدُلُّ عَلَى الِاشْتِرَاكِ. وَقَوْلُهُ: بَلْ فَعَلَ خِلَافُ فَاعَلَ يَعْنِي بَلِ الْمُجَرَّدُ فِيهَا يَدُلُّ عَلَى الِانْفِرَادِ، وَهُوَ خِلَافُ فاعل، لأنه يدل على الِاشْتِرَاكِ، فَضُعِّفَ بِأَنْ يَكُونَ فَاعَلَ مِنَ اللِّقَاءِ مِنْ بَابِ: عَاقَبْتُ اللِّصَّ، حَيْثُ إِنَّ مَادَّةَ اللِّقَاءِ تَقْتَضِي الِاشْتِرَاكَ، سَوَاءٌ كَانَ بِصِيغَةِ الْمُجَرَّدِ أَوْ بِصِيغَةِ فَاعَلَ.
وَهَذِهِ الْإِضَافَةُ غَيْرُ مَحْضَةٍ، لِأَنَّهَا إِضَافَةُ اسْمِ الْفَاعِلِ بِمَعْنَى الِاسْتِقْبَالِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ لَنَا الْكَلَامُ عَلَى اسْمِ الْفَاعِلِ إِذَا كَانَ بِمَعْنَى الْحَالِ، أَوْ الِاسْتِقْبَالِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى إِعْمَالِهِ فِي الْمَفْعُولِ، وَإِضَافَتُهُ إِلَيْهِ، وَإِضَافَتُهُ إِلَى الرَّبِّ، وَإِضَافَةُ الرَّبِّ إِلَيْهِمْ فِي غَايَةٍ مِنَ الْفَصَاحَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّبَّ عَلَى أَيِّ مَحَامِلِهِ حَمَلْتَهُ فِيهِ دِلَالَةٌ عَلَى الْإِحْسَانِ لِمَنْ يَرُبُّهُ، وَتَعَطُّفٌ بَيِّنٌ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ غَيْرُ لَفْظِ الرَّبِّ. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي مَعْنَى مُلَاقَاةِ رَبِّهِمْ، فَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ غَيْرِ حَذْفٍ وَلَا كِنَايَةٍ بِأَنَّ اللِّقَاءَ هُوَ رُؤْيَةُ الْبَارِي تَعَالَى، وَلَا لِقَاءَ أَعْظَمَ وَلَا أَشْرَفَ مِنْهَا، وَقَدْ جَاءَتْ بِهَا السُّنَّةُ الْمُتَوَاتِرَةُ، وَإِلَى اعْتِقَادِهَا ذَهَبَ أَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ، وَقِيلَ ذَلِكَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ جَزَاءُ رَبِّهِمْ، لِأَنَّ الْمُلَاقَاةَ بِالذَّوَاتِ مُسْتَحِيلَةٌ فِي غَيْرِ الرُّؤْيَةِ، وَقِيلَ ذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنِ انْقِضَاءِ أَجْلِهِمْ كَمَا يُقَالُ لِمَنْ مَاتَ قَدْ لَقِيَ اللَّهَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
غَدًا نَلْقَى الْأَحِبَّهْ ... مُحَمَّدًا وَصَحْبَهْ
وَكَنَى بِالْمُلَاقَاةِ عَنِ الْمَوْتِ، لِأَنَّ ملاقات اللَّهِ مُتَسَبِّبٌ عَنِ الْمَوْتِ، فَهُوَ مِنْ إِطْلَاقِ الْمُسَبَّبِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ السَّبَبُ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ كَانَ يَظُنُّ الْمَوْتَ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ لَا يُفَارِقُ قَلْبَهُ الْخُشُوعُ، وَقِيلَ ذَلِكَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَخَصَّ مِنَ الْجَزَاءِ، وَهُوَ الثَّوَابُ، أَيْ ثَوَابُ رَبِّهِمْ.
فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ، يَكُونُ الظَّنُّ عَلَى بَابِهِ مِنْ كَوْنِهِ يُرَادُ بِهِ التَّرْجِيحُ، وَعَلَى تَقْدِيرِ الْجَزَاءِ، أَوْ كَوْنِ الْمُلَاقَاةِ يُرَادُ بِهَا انْقِضَاءُ الْأَجَلِ، يَكُونُ الظَّنُّ يُرَادُ بِهِ التَّيَقُّنُ. وَقَدْ نَازَعَتِ الْمُعْتَزِلَةُ فِي كَوْنِ لَفْظِ اللِّقَاءِ لَا يُرَادُ بِهِ الرُّؤْيَةُ وَلَا يُفِيدُهَا. أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى:

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 301
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست