responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 30
وَالِاسْمُ هُوَ اللَّفْظُ الدَّالُّ بِالْوَضْعِ عَلَى مَوْجُودٍ فِي الْعِيَانِ، إِنْ كَانَ مَحْسُوسًا، وَفِي الْأَذْهَانِ، إِنْ كَانَ مَعْقُولًا مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ بِبِنْيَتِهِ لِلزَّمَانِ، وَمَدْلُولُهُ هُوَ الْمُسَمَّى، وَلِذَلِكَ قَالَ سِيبَوَيْهِ: (فَالْكُلُّ اسْمٌ وَفِعْلٌ وَحَرْفٌ) ، وَالتَّسْمِيَةُ جَعْلُ ذَلِكَ اللَّفْظِ دَلِيلًا عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى، فَقَدِ اتَّضَحَتِ الْمُبَايَنَةُ بَيْنَ الِاسْمِ وَالْمُسَمَّى وَالتَّسْمِيَةِ. فَإِذَا أَسْنَدْتَ حُكْمًا إِلَى اسْمٍ، فَتَارَةً يَكُونُ إِسْنَادُهُ إِلَيْهِ حَقِيقَةً، نَحْوَ: زَيْدٌ اسْمُ ابْنِكَ، وَتَارَةً لَا يَصِحُّ الْإِسْنَادُ إِلَيْهِ إِلَّا مَجَازًا، وَهُوَ أَنْ تُطْلِقَ الِاسْمَ وَتُرِيدَ بِهِ مَدْلُولَهُ وَهُوَ الْمُسَمَّى، نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ [1] ، وسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ [2] ، وما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ [3] .
وَالْعَجَبُ مِنِ اخْتِلَافِ النَّاسِ، هَلِ الِاسْمُ هُوَ عَيْنُ الْمُسَمَّى أَوْ غَيْرُهُ، وَقَدْ صَنَّفَ فِي ذَلِكَ الْغَزَالِيُّ، وَابْنُ السَّيِّدِ، وَالسُّهَيْلِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَذَكَرُوا احْتِجَاجَ كُلٍّ مِنَ الْقَوْلَيْنِ، وَأَطَالُوا فِي ذَلِكَ. وَقَدْ تَأَوَّلَ السُّهَيْلِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، قَوْلَهُ تَعَالَى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ بِأَنَّهُ أَقْحَمَ الِاسْمَ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى سَبِّحْ رَبَّكَ، وَاذْكُرْ رَبَّكَ بِقَلْبِكَ وَلِسَانِكَ حَتَّى لَا يَخْلُوَ الذِّكْرُ وَالتَّسْبِيحُ مِنَ اللَّفْظِ بِاللِّسَانِ، لِأَنَّ الذِّكْرَ بِالْقَلْبِ مُتَعَلِّقُهُ الْمُسَمَّى الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ بِالِاسْمِ، وَالذِّكْرُ بِاللِّسَانِ مُتَعَلِّقُهُ اللَّفْظُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً بِأَنَّهَا أَسْمَاءٌ كَاذِبَةٌ غَيْرُ وَاقِعَةٍ عَلَى حَقِيقَةٍ، فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَعْبُدُوا إِلَّا الْأَسْمَاءَ الَّتِي اخْتَرَعُوهَا، وَهَذَا مِنَ الْمَجَازِ الْبَدِيعِ.
وَحُذِفَتِ الْأَلِفُ مِنْ بِسْمِ هُنَا فِي الْخَطِّ تَخْفِيفًا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، فَلَوْ كُتِبَتْ بِاسْمِ الْقَاهِرِ أَوْ بِاسْمِ الْقَادِرِ. فَقَالَ الْكِسَائِيُّ وَالْأَخْفَشُ: تُحْذَفُ الْأَلِفُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَا تُحْذَفُ إِلَّا مَعَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، لِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ إِنَّمَا كَثُرَ فِيهِ، فَأَمَّا فِي غَيْرِهِ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا خِلَافَ فِي ثُبُوتِ الْأَلِفِ.
وَالرَّحْمَنُ صِفَةٌ الله عِنْدَ الْجَمَاعَةِ. وَذَهَبَ الْأَعْلَمُ وَغَيْرُهُ إِلَى أَنَّهُ بَدَلٌ، وَزَعَمَ أَنَّ الرَّحْمَنَ عَلَمٌ، وإن كان مشتقا من الرَّحْمَةِ، لَكِنَّهُ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الرَّحِيمِ وَلَا الرَّاحِمِ، بَلْ هُوَ مِثْلُ الدَّبَرَانِ، وَإِنْ كَانَ مُشْتَقًّا مِنْ دَبَرَ صِيغَ لِلْعَلَمِيَّةِ، فَجَاءَ عَلَى بِنَاءٍ لَا يَكُونُ فِي النُّعُوتِ، قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى عَلَمِيَّتِهِ وَوُرُودِهِ غَيْرَ تَابِعٍ لِاسْمٍ قَبْلَهُ، قَالَ تَعَالَى: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى [4] الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ [5] وَإِذَا ثَبَتَتِ الْعَلَمِيَّةُ امْتَنَعَ النَّعْتُ، فَتَعَيَّنَ الْبَدَلُ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ السُّهَيْلِيُّ: الْبَدَلُ فِيهِ عِنْدِي مُمْتَنِعٌ، وَكَذَلِكَ عَطْفُ الْبَيَانِ، لِأَنَّ الِاسْمَ الْأَوَّلَ لا يفتقر

[1] سورة الرحمن: 55/ 78.
[2] سورة طه: 20/ 5.
[3] سورة الأعلى: 87/ 1.
[4] سورة الرحمن: 55/ 1.
[5] سورة يوسف: 12/ 40.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 30
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست