responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 275
عَلَى مَا فَاتَ، وَلِذَلِكَ أُبْرِزَتْ جُمْلَتُهُ مُصَدَّرَةً بِالنَّكِرَةِ الَّتِي هِيَ أَوْغَلُ فِي بَابِ النَّفْيِ، وَأُبْرِزَتِ الثَّانِيَةُ مُصَدَّرَةً بِالْمَعْرِفَةِ فِي قَوْلِهِ: وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ.
وَفِي قَوْلِهِ: وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ إِشَارَةٌ إِلَى اخْتِصَاصِهِمْ بِانْتِفَاءِ الْحُزْنِ، وَأَنَّ غَيْرَهُمْ يَحْزَنُ، وَلَوْ لَمْ يُشِرْ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى لَكَانَ: وَلَا يَحْزَنُونَ، كَافِيًا. وَلِذَلِكَ أَوْرَدَ نَفْيَ الْحُزْنِ عَنْهُمْ وَإِذْهَابَهُ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ [1] إِلَى قَوْلِهِ: لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ [2] . وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ وَمَا قَبْلَهُمَا مِنَ الْخَبَرِ مُخْتَصٌّ بِالَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ الْحُسْنَى، وَفِي قَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ [3] ، فَدَلَّ هَذَا كُلُّهُ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُمْ يُحْزِنُهُ الْفَزَعُ، وَلَا يَذْهَبُ عَنْهُمُ الْحَزَنُ.
وَحُكِيَ عَنِ الْمُفَسِّرِينَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ أَقْوَالٌ: أَحَدُهَا: لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَ مِنَ الْعَذَابِ وَلَا يَحْزَنُونَ عِنْدَ الْمَوْتِ. الثَّانِي: لَا يَتَوَقَّعُونَ مَكْرُوهًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ لِفَوَاتِ الْمَرْغُوبِ فِي الْمَاضِي وَالْحَالِ. الثَّالِثُ: لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُهُمْ، وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ فِيمَا خَلْفَهُ. الرَّابِعُ: لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ فِيمَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنَ الْآخِرَةِ، وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ عَلَى مَا فَاتَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا. الْخَامِسُ: لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ مِنْ عِقَابٍ، وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ عَلَى فَوَاتِ ثَوَابٍ. السَّادِسُ: إِنَّ الْخَوْفَ اسْتِشْعَارُ غَمٍّ لِفَقْدِ مَطْلُوبٍ، وَالْحُزْنَ اسْتِشْعَارُ غَمٍّ لِفَوَاتِ مَحْبُوبٍ. السَّابِعُ: لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ فِيمَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنَ الدُّنْيَا، وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ عَلَى مَا فَاتَهُمْ مِنْهَا. الثَّامِنُ: لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ فِيهَا. التَّاسِعُ: أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّهُ يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ الَّتِي هِيَ دَارُ السُّرُورِ وَالْأَمْنِ، لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ فِيهَا وَلَا حُزْنٌ. الْعَاشِرُ: مَا قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ: لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ أَمَامَهُمْ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَعْظَمَ فِي صَدْرِ الَّذِي يَمُوتُ مِمَّا بَعْدَ الْمَوْتِ، فَأَمَّنَهُمُ اللَّهُ مِنْهُ، ثُمَّ سَلَّاهُمْ عَنِ الدُّنْيَا، وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ عَلَى مَا خَلَّفُوهُ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ فِي الدُّنْيَا. الْحَادِي عَشَرَ: لَا خَوْفٌ حِينَ أَطْبَقَتِ النَّارُ، وَلَا حُزْنٌ حِينَ ذُبِحَ الْمَوْتُ فِي صُورَةِ كَبْشٍ عَلَى الصِّرَاطِ، فَقِيلَ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ: خلود لا مَوْتٌ.
الثَّانِي عَشَرَ: لَا خَوْفٌ وَلَا حُزْنٌ عَلَى الدَّوَامِ.
وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا مُتَقَارِبَةٌ، وَظَاهِرُ الْآيَةِ عُمُومُ نَفْيِ الْخَوْفِ وَالْحُزْنِ عَنْهُمْ، لَكِنْ يُخَصُّ بِمَا بَعْدَ الدُّنْيَا، لِأَنَّهُ فِي دَارِ الدُّنْيَا قَدْ يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ الْخَوْفُ وَالْحُزْنُ، فَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا من العموم لذلك.

[1] سورة الأنبياء: 21/ 101.
[2] سورة الأنبياء: 21/ 103.
[3] سورة فاطر: 35/ 34.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 275
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست