responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 255
يَبْقَى سَاكِنًا نَحْوَ: كُلْنَ. وَلِلْمُعْتَلِّ حُكْمٌ غَيْرُ هَذَا، فَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَقَوْلُهُ: وَكُلَا، لَمْ تَكُنْ فِيهِ نُونٌ فَتُحْذَفُ لِلْأَمْرِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ مَا ذَكَرَهُ عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ، حَيْثُ زَعَمُوا أَنَّ فِعْلَ الْأَمْرِ مُعْرَبٌ، وَأَنَّ أَصْلَ: كُلْ لِتَأْكُلَ، ثُمَّ عَرَضَ فِيهِ مِنَ الْحَذْفِ بِالتَّدْرِيجِ إِلَى أَنْ صَارَ: كُلْ.
فَأَصْلُ كُلَا: لِتَأْكُلَا، وَكَانَ قَبْلَ دُخُولِ لَامِ الْأَمْرِ عَلَيْهِ فِيهِ نُونٌ، إِذْ كَانَ أَصْلُهُ: تَأْكُلَانِ، فَعَلَى قَوْلِهِمْ يَتِمُّ قَوْلُ ابْنِ عَطِيَّةَ: إِنَّ النُّونَ مِنْ كُلَا حُذِفَتْ لِلْأَمْرِ.
مِنْها: الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْجَنَّةِ، وَالْمَعْنَى عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ مِنْ مَطَاعِمِهَا، مِنْ ثِمَارِهَا وَغَيْرِهَا، وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى إِبَاحَةِ الْأَكْلِ لَهُمَا مِنَ الْجَنَّةِ عَلَى سَبِيلِ التَّوْسِعَةِ، إِذْ لَمْ يُحْظَرُ عَلَيْهِمَا أَكْلٌ مَا، إِذْ قَالَ: رَغَداً، وَالْجُمْهُورُ عَلَى فَتْحِ الْغَيْنِ. وقرأ إبراهيم النخعي وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ: بِسُكُونِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا لُغَتَانِ، وَانْتِصَابُ رَغَدًا، قَالُوا: عَلَى أَنَّهُ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ محذوف تقديره أَكْلًا رَغَدًا. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: هُوَ مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَفِي كِلَا الْإِعْرَابَيْنِ نَظَرٌ. أَمَّا الْأَوَّلُ: فَإِنَّ مَذْهَبَ سِيبَوَيْهِ يُخَالِفُهُ، لِأَنَّهُ لَا يَرَى ذَلِكَ، وَمَا جَاءَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ جَعَلَهُ مَنْصُوبًا عَلَى الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الْمَصْدَرِ الدَّالِّ عَلَيْهِ الْفِعْلُ.
وَأَمَّا الثَّانِي: فَإِنَّهُ مَقْصُورٌ عَلَى السَّمَاعِ، قَالَ الزَّجَّاجُ: الرَّغَدُ الْكَثِيرُ الَّذِي لا يعنيك، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: الْوَاسِعُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الَّذِي لَا يُحَاسَبُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: السَّالِمُ مِنَ الْإِنْكَارِ الْهَنِيُّ، يُقَالُ: رَغِدَ عَيْشُ الْقَوْمِ، وَرَغُدَ، بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَضَمِّهَا، إِذَا كَانُوا فِي رِزْقٍ وَاسِعٍ كَثِيرٍ، وَأَرْغَدَ الْقَوْمُ: أَخْصَبُوا وَصَارُوا فِي رَغَدٍ مِنَ الْعَيْشِ. وَقَالُوا عِيشَةٌ رَغْدٌ بِالسُّكُونِ أَيْضًا.
حَيْثُ شِئْتُما: أَبَاحَ لَهُمَا الْأَكْلَ حَيْثُ شَاءَا فَلَمْ يَحْظُرْ عَلَيْهِمَا مَكَانًا مِنْ أَمَاكِنِ الْجَنَّةِ، كَمَا لَمْ يَحْظُرْ عَلَيْهِمَا مَأْكُولًا إِلَّا مَا وَقَعَ النَّهْيُ عَنْهُ. وشاء فِي وَزْنِهِ خِلَافٌ، فَنُقِلَ عَنْ سِيبَوَيْهِ: أَنَّ وَزْنَهُ فَعِلَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ فَنُقِلَتْ حَرَكَتُهَا إِلَى الشِّينِ فَسُكِّنَتْ، وَاللَّامُ سَاكِنَةٌ لِلضَّمِيرِ، فَالْتَقَى سَاكِنَانِ، فَحُذِفَتْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَكُسِرَتِ الشِّينُ لِتَدُلَّ عَلَى أَنَّ الْمَحْذُوفَ هُوَ يَاءٌ، كَمَا صُنِعَتْ فِي بِعْتُ.
وَلا تَقْرَبا: نَهَاهُمَا عَنِ الْقُرْبَانِ، وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ أَنْ يَقَعَ النَّهْيُ عَنِ الْأَكْلِ، لِأَنَّهُ إِذَا نَهَى عَنِ الْقُرْبَانِ، فَكَيْفَ يَكُونُ الْأَكْلُ مِنْهَا؟ وَالْمَعْنَى: لَا تَقْرَبَاهَا بِالْأَكْلِ، لَا أَنَّ الْإِبَاحَةَ وَقَعَتْ فِي الْأَكْلِ. وَحَكَى بَعْضُ مَنْ عَاصَرْنَاهُ عَنِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ، يَعْنِي الماضي أَبَا بَكْرٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ الشَّاشِيَّ فِي مَجْلِسِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ يَقُولُ: إِذَا قُلْتَ: لَا تَقْرَبْ، بِفَتْحِ الراء معناه:
لا تلبس بِالْفِعْلِ، وَإِذَا كَانَ بِضَمِّ الرَّاءِ كَانَ مَعْنَاهُ لَا تَدْنُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ معنى: لا تقرب زيد:
ألا تَدْنُ مِنْهُ. وَفِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ عَنِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ مِنَ التَّخْلِيطِ مَا يُتَعَجَّبُ مِنْ حَاكِيهَا، وَهُوَ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 255
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست