responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 238
إِلَيْهِ. وَأَجَازَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا، لِأَنَّ الْمَعْنَى تَنَزَّهْتَ. وَقَدْ ذَكَرْنَا، حِينَ تكملنا عَلَى الْمُفْرَدَاتِ، أَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى مَعْنَى الْمَصْدَرِ بِفِعْلٍ مِنْ مَعْنَاهُ وَاجِبُ الْحَذْفِ. وَزَعَمَ الْكِسَائِيُّ أَنَّهُ مُنَادًى مُضَافٌ، وَيُبْطِلُهُ أَنَّهُ لَا يَحْفَظُ دُخُولَ حَرْفِ النِّدَاءِ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ مُنَادَى لِجَازَ دُخُولُ حَرْفِ النِّدَاءِ عَلَيْهِ، وَنُقِلَ لَنَا. وَلَمَّا سَأَلَ تَعَالَى الْمَلَائِكَةَ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ عِلْمٌ بِالْجَوَابِ، وَكَانُوا قَدْ سَبَقَ مِنْهُمْ قولهم: أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها الْآيَةَ، أَرَادُوا أَنْ يُجِيبُوا بِعَدَمِ الْعِلْمِ إِلَّا مَا عَلَّمَهُمْ، فَقَدَّمُوا بَيْنَ يَدَيِ الْجَوَابِ تَنْزِيهَ اللَّهِ اعْتِذَارًا وَأَدَبًا مِنْهُمْ فِي الْجَوَابِ، وَإِشْعَارًا بِأَنَّ مَا صَدَرَ مِنْهُمْ قَبْلُ يَمْحُوهُ هَذَا التَّنْزِيهُ لِلَّهِ تَعَالَى، فَقَالُوا: سُبْحَانَكَ، ثُمَّ أَجَابُوا بِنَفْيِ الْعِلْمِ بِلَفْظٍ لَا الَّتِي بُنِيَتْ مَعَهَا النَّكِرَةُ، فَاسْتَغْرَقَ كُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْعُلُومِ، ثُمَّ اسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ مَا عَلَّمَهُمْ هُوَ تَعَالَى، فَقَالُوا: إِلَّا مَا عَلَّمْتَنا، وَهَذَا غَايَةٌ فِي تَرْكِ الدَّعْوَى وَالِاسْتِسْلَامِ التَّامِّ لِلْمُعَلِّمِ الْأَوَّلِ اللَّهِ تَعَالَى.
قَالَ أَبُو عُثْمَانُ الْمَغْرِبِيُّ: مَا بَلَاءُ الخلق إلا الدعاوى. أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمَّا قَالُوا:
وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ، كَيْفَ رُدُّوا إِلَى الْجَهْلِ حَتَّى قَالُوا: لَا عِلْمَ لَنَا؟ وَرُوِيَ مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ
، وَخَبَرُ: لَا عُلِمَ، فِي الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ. وَتَقَدَّمَ لَنَا الْكَلَامُ فِي لَا رَيْبَ فِيهِ، وَلَا عُلِمَ مِثْلُهُ، فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ. وَمَا مَوْصُولَةٌ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ، وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ رفع عَلَى الْبَدَلِ. وَحَكَى ابْنُ عَطِيَّةَ عَنِ الزَّهْرَاوِيِّ: أَنَّ مَوْضِعَ مَا مِنْ قَوْلِهِمْ: مَا عَلَّمَتْنَا، نَصْبٌ بِعَلَّمْتَنَا، وَهَذَا غَيْرُ مَعْقُولٍ. أَلَا تَرَى أَنَّ مَا مَوْصُولَةٌ، وَأَنَّ الصِّلَةَ: عَلَّمَتْنَا، وَأَنَّ الصِّلَةَ لَا تَعْمَلُ فِي الموصول ولكن يتكلف له وَجْهٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا فَيَكُونُ مَعْنَى إِلَّا: لَكِنْ، عَلَى التَّقْدِيرِ الَّذِي اسْتَقَرَّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ، وَتَكُونُ مَا شَرْطِيَّةً مَنْصُوبَةً بِعَلَّمْتَنَا، وَيَكُونُ الْجَوَابُ مَحْذُوفًا كَأَنَّهُمْ نَفَوْا أَوَّلًا سَائِرَ الْعُلُومِ ثُمَّ اسْتَدْرَكُوا أَنَّهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، أَيَّ شَيْءٍ عَلَّمَهُمْ عَلِمُوهُ، وَيَكُونُ هَذَا أَبْلَغُ فِي تَرْكِ الدَّعْوَى، إِذْ مَحُوا أَنْفُسَهُمْ مِنْ سَائِرِ الْعُلُومِ وَنَفُوا جَمِيعَهَا، فَلَمْ يَسْتَثْنُوا لَهُمْ شيئا سابقا ماضيا تحلوا بِهِ، بَلْ صَارُوا إِلَى الْجَهْلِ الصِّرْفِ وَالتَّبَرِّي مِنْ كُلِّ عِلْمٍ. وَهَذَا الْوَجْهُ يُنَافِي مَا رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ أَعْلَمُهُمْ تَعَالَى، أَوْ عَلِمُوا بِاطِّلَاعٍ مِنَ اللَّوْحِ بِأَنَّهُ سَيَكُونُ فِي الْأَرْضِ مَنْ يُفْسِدُ وَيَسْفِكُ، فَإِذَا صَحَّ هَذَا كَانُوا قَدْ بَالَغُوا فِي نَفْيِ كُلِّ عِلْمٍ عَنْهُمْ، وَجَعَلُوا هَذَا الْعِلْمَ الْخَاصَّ كَالْمَعْدُومِ، وَمَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ غَيْرُ مَعْصُومِينَ جَعَلَ قَوْلَهُمْ، لَا عِلْمَ لَنَا تَوْبَةً، وَمَنِ اعْتَقَدَ بِعِصْمَتِهِمْ قَالَ: قَالُوا ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الِاعْتِرَافِ بِالْعَجْزِ وَالتَّسْلِيمِ بِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ إِلَّا مَا عَلِمُوا، أَوْ قَالُوا: أَتَجْعَلُ فِيها الْآيَةَ، لِأَنَّهُ أَعْلَمَهُمْ بِذَلِكَ، وَأَمَّا الْأَسْمَاءُ فَكَيْفَ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 238
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست