responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 234
وَمَنْ تَظُنُّونَ أَنَّهُ عَاصٍ فَيُؤَدِّيِهِ الِابْتِلَاءُ إِلَى الطَّاعَةِ فَيُطِيعُ، قَالَهُ الزَّجَّاجُ، أَوْ عَلْمُهُ بِظَوَاهِرِ الْأُمُورِ وَبَاطِنُهَا، جَلِيُّهَا وَدَقِيقُهَا، عَاجِلُهَا وَآجِلُهَا، صَالِحُهَا وَفَاسِدُهَا، عَلَى اخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْأَزْمَانِ عِلْمًا حَقِيقِيًّا، وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ذَلِكَ، أَوْ عِلْمُهُ بِغَيْرِ اكْتِسَابٍ وَلَا نَظَرَ وَلَا تَدَبُّرَ وَلَا فِكْرَ، وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ الْمَعْلُومَاتِ عَلَى هَذَا النَّسَقِ. أَوْ عِلْمُهُ بِأَنَّ مَعَهُمْ إِبْلِيسَ، أَوْ عِلْمُهُ بِاسْتِعْظَامِكُمْ أَنْفُسَكُمْ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ. وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ اللَّفْظِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ إِذَا تَكَلَّمُوا بِالْجُمْلَةِ السَّابِقَةِ الَّتِي هِيَ أَتُجْعَلُ فِيهَا بِأَنَّهُ يَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَهُ. وَأَبْهَمَ فِي إِخْبَارِهِ الْأَشْيَاءَ الَّتِي يَعْلَمُهَا دُونَهُمْ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَإِخْبَارُهُ بِأَنَّهُ يَجْعَلُ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً يَقْتَضِي التَّسْلِيمَ لَهُ وَالرُّجُوعَ إِلَيْهِ فِيمَا أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَهُ وَالرِّضَا بِذَلِكَ، لِأَنَّ عِلْمَهُ مُحِيطٌ بِمَا لَا يُحِيطُ بِهِ عِلْمُ عَالِمٍ، جَلَّ اللَّهُ وَعَزَّ. وَالْأَحْسَنُ أَنَّ يُفَسَّرَ هَذَا الْمُبْهَمُ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ تَعَالَى عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ، قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْآيَةَ.
وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها: لَمَّا أَخْبَرَ تَعَالَى الْمَلَائِكَةَ عَنْ وَجْهِ الْحِكْمَةِ فِي خَلْقِ آدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ، أَرَادَ أَنْ يَفْصِلَ، فَبَيَّنَ لَهُمْ مِنْ فَضْلِ آدَمَ مَا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا لَهُمْ، وَذَلِكَ بِأَنْ عَلَّمَهُ الْأَسْمَاءَ لِيُظْهِرَ فَضْلَهُ وَقُصُورَهُمْ عَنْهُ فِي الْعِلْمِ، فَتَأَكَّدَ الْجَوَابُ الْإِجْمَالِيُّ بِالتَّفْضِيلِ. وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ جُمْلَةٍ مَحْذُوفَةٍ قَبْلَ هَذَا، لِأَنَّهُ بِهَا يَتِمُّ الْمَعْنَى وَيَصِحُّ هَذَا الْعَطْفُ، وَهِيَ: فَجَعَلَ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً. وَلَمَّا كَانَ لَفْظُ الْخَلِيفَةِ مَحْذُوفًا مَعَ الْجُمْلَةِ الْمُقَدَّرَةِ، أَبْرَزَهُ فِي قَوْلِهِ: وَعَلَّمَ آدَمَ، نَاصًّا عَلَيْهِ وَمُنَوِّهًا بِذِكْرِهِ بِاسْمِهِ. وَأَبْعَدَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ: وَعَلَّمَ آدَمَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ، قَالَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ. وَهَلِ التَّعْلِيمُ بِتَكْلِيمِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ فِي السَّمَاءِ، كَمَا كَلَّمَ مُوسَى فِي الْأَرْضِ، أَوْ بِوَسَاطَةِ مَلَكٍ أَوْ بِالْإِلْهَامِ؟ أَقْوَالٌ أُظْهَرُهَا أَنَّ الْبَارِي تَعَالَى هُوَ الْمُعَلِّمُ، لَا بِوَاسِطَةٍ وَلَا إِلْهَامٍ.
وَقَرَأَ الْيَمَانِيُّ وَيَزِيدُ الْيَزِيدِيُّ: وَعَلَّمَ آدَمَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، وَحُذِفَ الْفَاعِلُ لِلْعِلْمِ به وَالتَّضْعِيفِ فِي عُلِّمَ لِلتَّعْدِيَةِ، إِذْ كَانَ قَبْلَ التَّضْعِيفِ يَتَعَدَّى لِوَاحِدٍ، فَعَدَّى بِهِ إِلَى اثْنَيْنِ. وَلَيْسَتِ التَّعْدِيَةُ بِالتَّضْعِيفِ مَقِيسَةً، إِنَّمَا يَقْتَصِرُ فِيهِ عَلَى مَوْرِدِ السَّمَاعِ، سَوَاءً كَانَ الْفِعْلُ قَبْلَ التَّضْعِيفِ لَازِمًا أَمْ كَانَ مُتَعَدِّيًا، نَحْوَ: عَلِمَ الْمُتَعَدِّيَةُ إِلَى وَاحِدٍ. وَأَمَّا إِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا إِلَى اثْنَيْنِ، فَلَا يُحْفَظُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ التَّعْدِيَةَ بِالتَّضْعِيفِ إِلَى ثَلَاثٍ. وَقَدْ وَهِمَ الْقَاسِمُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَرِيرِيُّ فِي زَعْمِهِ فِي شَرْحِ الْمُلْحَةِ لَهُ أَنَّ عَلِمَ تَكُونُ مَنْقُولَةً مِنْ عَلِمَ الَّتِي تَتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ فَتَصِيرُ بِالتَّضْعِيفِ مُتَعَدِّيَةً إِلَى ثَلَاثَةٍ، وَلَا يَحْفَظُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِمْ.
وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ إِلَى اقْتِيَاسِ التَّعْدِيَةِ بِالتَّضْعِيفِ. قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 234
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست