responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 203
وَقِيلَ: يُضِلُّ بِمَعْنَى يُعَذِّبُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ [1] ، قَالَهُ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ، وَرَدَّ الْقَفَّالُ هَذَا وَقَالَ: بَلِ الْمُرَادُ فِي الشَّاهِدِ فِي ضَلَالٍ عَنِ الْحَقِّ وَجَوَّزَ ابْنُ عَطِيَّةَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً مِنْ كَلَامِ الْكُفَّارِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى. وَهَذَا الَّذِي جَوَّزَهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّهُ إِلْبَاسٌ فِي التَّرْكِيبِ، لِأَنَّ الْكَلَامَ إِمَّا أَنْ يَجْرِيَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الْكُفَّارِ، أَوْ يَجْرِيَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ. وَأَمَّا أَنْ يَجْرِيَ بَعْضُهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الْكُفَّارِ وَبَعْضُهُ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ إِلْبَاسًا فِي التَّرْكِيبِ، وَكِتَابُ اللَّهِ مُنَزَّهٌ عَنْهُ.
وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: يُضَلُّ بِهِ كَثِيرٌ وَيُهْدَى بِهِ كَثِيرٌ وَمَا يُضَلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقُونَ، فِي الثَّلَاثَةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ. وَقَرَأَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ، فِي الثَّلَاثَةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ الظَّاهِرِ، مَفْتُوحَ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ. قَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الصَّيْرَفِيُّ: هَذِهِ قِرَاءَةُ الْقَدَرِيَّةِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَرَأَ: يُضَلُّ بِضَمِّ الْيَاءِ فِي الْأَوَّلِ، وَمَا يَضِلُّ بِهِ بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَالْفَاسِقُونَ بِالْوَاوِ، وَكَذَا أَيْضًا فِي الْقِرَاءَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ، وَهِيَ قِرَاءَاتٌ مُتَّجِهَةٌ إلى أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِلْمُصْحَفِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي بِهِ فِي الثَّلَاثَةِ عَائِدٌ عَلَى مَثَلًا، وَهُوَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، أَيْ يَضْرِبُ الْمَثَلَ. وَقِيلَ: الضَّمِيرُ فِي بِهِ مِنْ قَوْلِهِ: يُضِلُّ بِهِ، أَيْ بِالتَّكْذِيبِ فِي بِهِ مِنْ قَوْلِهِ:
وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً، أَيْ بِالتَّصْدِيقِ. وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ قُوَّةُ الْكَلَامِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ.
وَمَعْنَى: وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ، أَيْ: وَمَا يَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِلضَّلَالَةِ إِلَّا عِنْدَ مَنْ خَرَجَ عَنِ الْحَقِّ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: مَعْنَى يُضِلُّ وَيَهْدِي: الزِّيَادَةُ فِي الضَّلَالِ وَالْهُدَى، لَا أَنَّ ضَرْبَ الْمَثَلِ سَبَبٌ لِلضَّلَالَةِ وَالْهُدَى، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ التَّقْدِيرُ: نَزِيدُ مَنْ لَمْ يُصَدِّقْ بِهِ وَكَفَرَ ضَلَالًا عَلَى ضَلَالِهِ، وَمَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَ إِيمَانًا عَلَى إِيمَانِهِ. وَالْفَاسِقِينَ: مَفْعُولُ يُضِلُّ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ، وَمَنَعَ أَبُو الْبَقَاءِ أَنْ يَكُونَ منصوبا على الاستثناء. ويكون مَفْعُولُ يُضِلُّ مَحْذُوفًا تَقْدِيرُهُ: وَمَا يُضِلُّ بِهِ أَحَدًا إِلَّا الْفَاسِقِينَ، وَلَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الِاسْمَ بَعْدَ إِلَّا:
إِمَّا أَنْ يُفَرَّغَ لَهُ الْعَامِلُ، فَيَكُونُ عَلَى حَسَبِ الْعَامِلِ نَحْوَ: مَا قَامَ إِلَّا زَيْدٌ، وَمَا ضَرَبْتُ إِلَّا زَيْدًا، وَمَا مَرَرْتُ إِلَّا بِزَيْدٍ، إِذَا جَعَلْتَ زَيْدًا وَبِزَيْدٍ مَعْمُولًا لِلْعَامِلِ قَبْلَ لَا، أَوْ لَا يُفَرَّغُ. وَإِذَا لَمْ يُفَرَّغْ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ طَالِبًا مَرْفُوعًا، فَلَا يَجُوزُ إِلَّا ذِكْرُهُ قَبْلَ إِلَّا، وَإِضْمَارُهُ إِنْ كَانَ مِمَّا يُضْمَرُ، أَوْ مَنْصُوبًا، أَوْ مَجْرُورًا، فَيَجُوزُ حَذْفُهُ لِأَنَّهُ فَضْلَةٌ وَإِثْبَاتُهُ. فَإِنْ حذفته كان الاسم

[1] سورة القمر: 54/ 47.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست