responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 180
أَنْ يَكُونَ وَبَشِّرْ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، فَالْأَصَحُّ أَنْ تَكُونَ جُمْلَةً مَعْطُوفَةً عَلَى مَا قَبْلَهَا، وَإِنْ لَمْ تَتَّفِقْ مَعَانِي الْجُمَلِ، كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ سِيبَوَيْهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدِ اسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
تُنَاغِي غَزَالًا عِنْدَ بَابِ ابْنِ عَامِرٍ ... وَكَحِّلْ مَآقِيكَ الْحِسَانَ بِإِثْمَدِ
وَبِقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
وَإِنَّ شِفَائِي عَبْرَةٌ إِنْ سَفَحْتُهَا ... وَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ
وَأَجَازَ سِيبَوَيْهِ: جَاءَنِي زَيْدٌ، وَمَنْ أَخُوكَ الْعَاقِلَانِ، عَلَى أَنْ يَكُونَ العاقلان خبر ابتداء مضر. وَقَدْ تَقَدَّمَ لَنَا أَنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ يَخُصُّ الْبِشَارَةَ بِالْخَبَرِ الَّذِي يُظْهِرُ سُرُورَ الْمُخْبَرِ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: الْأَغْلَبُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْخَيْرِ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الشَّرِّ مُقَيَّدًا بِهِ مَنْصُوصًا عَلَى الشَّرِّ لِلْمُبَشَّرِ بِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ [1] . وَمَتَى أَطْلَقَ لَفْظَ الْبِشَارَةِ فَإِنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى الْخَيْرِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَتَقَدَّمَ لَنَا مَا يُخَالِفُ قَوْلَيْهِمَا مِنْ قَوْلِ سِيبَوَيْهِ وَغَيْرِهِ، وَأَنَّ الْبِشَارَةَ أَوَّلُ خَبَرٍ يَرِدُ عَلَى الْإِنْسَانِ مِنْ خَيْرٍ كَانَ أَوْ شَرٍّ، قَالُوا: وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَأْثِيرِهِ فِي الْبَشْرَةِ، فَإِنْ كَانَ خَيْرًا أَثَّرَ الْمَسَرَّةَ وَالِانْبِسَاطَ، وَإِنْ كَانَ شَرًّا أَثَّرَ الْقَبْضَ وَالِانْكِمَاشَ. قَالَ تَعَالَى: يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ [2] ، وَقَالَ تَعَالَى: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ، وَجَعَلَ الزَّمَخْشَرِيُّ هَذَا الْعَكْسَ فِي الْكَلَامِ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ اسْتِهْزَاءُ الزَّائِدِ فِي غَيْظِهِ الْمُسْتَهْزَأِ بِهِ وَتَأَلُّمُهُ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ ضَعْ هَذَا مَوْضِعَ الْبِشَارَةِ مِنْهُمْ، قَالُوا: وَالصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ خَبَرٍ غَيْرَ الْبُشْرَةِ خَيْرًا كَانَ أَوْ شَرًّا بِشَارَةٌ، قَالَ الشَّاعِرُ:
يُبَشِّرُنِي الْغُرَابُ بِبَيْنِ أَهْلِ ... فَقُلْتُ لَهُ ثَكِلْتُكَ مِنْ بَشِيرِ
وَقَالَ آخَرُ:
وَبَشَّرْتَنِي يَا سَعْدُ أَنَّ أَحِبَّتِي ... جَفُونِي وَأَنَّ الْوُدَّ مَوْعِدُهُ الْحَشْرُ
وَالتَّضْعِيفُ فِي بَشِّرْ مِنَ التَّضْعِيفِ الدَّالِّ عَلَى التَّكْثِيرِ فِيمَا قَالَ بَعْضُهُمْ، وَلَا يَتَأَتَّى التَّكْثِيرُ فِي بَشِّرْ إِلَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَفَاعِيلِ، لِأَنَّ الْبِشَارَةَ أَوَّلُ خَبَرٍ يَسُرُّ أَوْ يُحْزِنُ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَلَا يَتَأَتَّى التَّكْثِيرُ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَفْعُولِ الْوَاحِدِ، فَبِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ يَكُونُ فِعْلٌ فِيهِ مُغْنِيًا عَنْ فِعْلٍ، لِأَنَّ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ مُشَدَّدًا غَيْرُ الْعَرَبِ الَّذِينَ يَنْطِقُونَ بِهِ مُخَفَّفًا، كَمَا بَيَّنَّا قَبْلُ. وَكَوْنُ مَفْعُولِ بَشِّرْ مَوْصُولًا بِجُمْلَةٍ فِعْلِيَّةٍ مَاضِيَةٍ وَلَمْ يَكُنِ اسْمَ فَاعِلٍ، دَلَالَةً عَلَى أن مستحق التبشير

[1] سورة آل عمران: 3/ 21.
[2] سورة التوبة: 9/ 21.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 180
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست