responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 170
الْآيَةِ وَهَذَا السِّيَاقِ قَوْلُهُ: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ، فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ»
عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ [2] الثَّالِثُ: اقْتِضَاءُ ذَلِكَ كَوْنُهُمْ عَاجِزِينَ عَنِ الْإِتْيَانِ، سَوَاءٌ اجْتَمَعُوا أَوِ انْفَرَدُوا، وَسَوَاءٌ كَانُوا أُمِّيِّينَ أَمْ كَانُوا غَيْرَ أُمِّيِّينَ، وُعَوْدُهُ عَلَى الْمُنَزَّلِ يَقْتَضِي كَوْنَ آحَادِ الْأُمِّيِّينَ عَاجِزًا عَنْهُ، لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مِثْلَهُ إِلَّا الشَّخْصَ الْوَاحِدَ الْأُمِّيَّ. فَأَمَّا لَوِ اجْتَمَعُوا أَوْ كَانُوا قَارِئِينَ فَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِعْجَازَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَقْوَى، فَإِذَا جَعَلْنَا الضَّمِيرَ عَائِدًا عَلَى الْمُنَزَّلِ، فَمِنْ: لِلتَّبْعِيضِ وَهِيَ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِسُورَةٍ أَيْ بِسُورَةٍ كَائِنَةٍ مِنْ مِثْلِهِ.
وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الزَّمَخْشَرِيِّ تَنَاقُضٌ فِي مِنْ هَذِهِ قَالَ: مِنْ مِثْلِهِ مُتَعَلِّقٌ بِسُورَةٍ صِفَةٌ لَهَا، أَيْ بِسُورَةٍ كَائِنَةٍ مِنْ مِثْلِهِ فَقَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِسُورَةٍ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا لَهَا، وَقَوْلُهُ صِفَةٌ لَهَا، أَيْ بِسُورَةٍ كَائِنَةٍ مِنْ مِثْلِهِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ مَعْمُولًا لَهَا فَتَنَاقَضَ كَلَامُهُ وَدَافَعَ آخِرُهُ أَوَّلَهُ، لكن يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرِيدُ التَّعَلُّقَ الصِّنَاعِيَّ كَتَعَلُّقِ الْبَاءِ فِي نَحْوِ: مُرُورِي بِزَيْدٍ حَسَنٌ، لَكِنَّهُ يُرِيدُ التَّعَلُّقَ الْمَعْنَوِيَّ، أَيْ تَعَلُّقُ الصِّفَةِ بِالْمَوْصُوفِ، وَاحْتَرَزَ مِنَ الْقَوْلِ الْآخَرِ أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ: فَأَتَوْا، فَلَا يَكُونُ مِنْ مِثْلِهِ عَائِدًا عَلَى الْمُنَزَّلِ، عَلَى مَا سَيَأْتِي تَبْيِينُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَأَجَازَ الْمَهْدَوِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَطِيَّةَ أَنْ تَكُونَ لِبَيَانِ الْجِنْسِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الْمُنَزَّلِ، وَتُفَسَّرُ الْمِثْلِيَّةُ بِنَظْمِهِ وَرَصْفِهِ وَفَصَاحَةِ مَعَانِيهِ الَّتِي تَعْرِفُونَهَا، وَلَا يُعْجِزُهُمْ إِلَّا التَّأْلِيفُ الَّذِي خُصَّ بِهِ الْقُرْآنُ، أَوْ فِي غُيُوبِهِ وَصِدْقِهِ، وَأَجَازَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً، وَسَتَأْتِي الْأَقْوَالُ فِي تَفْسِيرِ الْمِثْلِيَّةِ عَلَى عَوْدِ الضَّمِيرِ إِلَى الْمُنَزَّلِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّحْوِيُّونَ فِي إِثْبَاتِ هَذَا الْمَعْنَى لِمَنْ، وَالَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا أَنَّ مِنْ لَا تَكُونُ لِبَيَانِ الْجِنْسِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ كَوْنِهَا لِلتَّبْعِيضِ وَلِبَيَانِ الْجِنْسِ مَذْكُورٌ فِي كُتُبِ النَّحْوِ.
وَأَمَّا كَوْنُهَا زائدة في هذا الموضع فَلَا يَجُوزُ، عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ وَجُمْهُورِ الْبَصْرِيِّينَ. وَفِي الْمِثْلِيَّةِ عَلَى كَوْنِ الضَّمِيرِ عَائِدًا عَلَى الْمُنَزَّلِ أَقْوَالٌ: الْأَوَّلُ: مِنْ مِثْلِهِ فِي حُسْنِ النَّظْمِ، وَبَدِيعِ الرَّصْفِ، وَعَجِيبِ السَّرْدِ، وَغَرَابَةِ الْأُسْلُوبِ وَإِيجَازِهِ وَإِتْقَانِ مَعَانِيهِ. الثَّانِي: مِنْ مِثْلِهِ فِي غُيُوبِهِ مِنْ إِخْبَارِهِ بِمَا كَانَ وَبِمَا يَكُونُ. الثَّالِثُ: فِي احْتِوَائِهِ عَلَى الْأَمْرِ، وَالنَّهْيِ، وَالْوَعْدِ، وَالْوَعِيدِ، وَالْقَصَصِ، وَالْحِكَمِ، وَالْمَوَاعِظِ، وَالْأَمْثَالِ. الرَّابِعُ: مِنْ مِثْلِهِ فِي صِدْقِهِ وَسَلَامَتِهِ مِنَ التَّبْدِيلِ وَالتَّحْرِيفِ. الْخَامِسُ: مِنْ مِثْلِهِ، أَيْ كَلَامِ الْعَرَبِ الَّذِي هُوَ مِنْ جنسه.

(1) سورة هود: 11/ 13.
[2] سورة الإسراء: 17/ 88.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 170
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست