responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 124
وهذا الذي اختاره وينبأ بِهِ غَيْرَ مُخْتَارٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي الْحَسَنِ، يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْكَافُ اسْمًا فِي فَصِيحِ الْكَلَامِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّا لَا نُجِيزُهُ إِلَّا فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَطِيَّةَ الْوَجْهَ الَّذِي بَدَأْنَا بِهِ بَعْدَ ذِكْرِ الْوَجْهِ الَّذِي اخْتَارَهُ، وَأَبْعَدَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْكَافَ زَائِدَةٌ مِثْلُهَا فِي قَوْلِهِ: فَصُيِّرُوا مِثْلَ: كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ [1] . وَحَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّهُ لَمَّا تَقَرَّرَ عِنْدَهُ أَنَّ الْمَثَلَ وَالْمِثْلَ بِمَعْنًى، صَارَ الْمَعْنَى عِنْدَهُ عَلَى الزِّيَادَةِ، إِذِ الْمَعْنَى تَشْبِيهُ الْمَثَلِ بِالْمِثْلِ، لا يمثل الْمِثْلِ وَالْمَثَلُ هُنَا بِمَعْنَى الْقِصَّةِ وَالشَّأْنِ، فَشَبَّهَ شَأْنَهُمْ وَوَصَفَهُمْ بِوَصْفِ الْمُسْتَوْقِدِ نَارًا، فَعَلَى هَذَا لَا تَكُونُ الْكَافُ زَائِدَةً. وَفِي جِهَةِ الْمُمَاثَلَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا وُجُوهٌ ذَكَرُوهَا: الْأَوَّلُ: أَنَّ مُسْتَوْقِدَ النَّارِ يَدْفَعُ بِهَا الْأَذَى، فَإِذَا انْطَفَأَتْ عَنْهُ وَصَلَ الْأَذَى إِلَيْهِ، كَذَلِكَ الْمُنَافِقُ يَحْقِنُ دَمَهُ بِالْإِسْلَامِ وَيُبِيحُهُ بِالْكُفْرِ. الثَّانِي: أَنَّهُ يَهْتَدِي بِهَا، فَإِذَا انْطَفَأَتْ ضَلَّ، كَذَلِكَ الْمُنَافِقُ يَهْتَدِي بِالْإِسْلَامِ، فَإِذَا اطَّلَعَ عَلَى نِفَاقِهِ ذَهَبَ عَنْهُ نُورُ الْإِسْلَامِ وَعَادَ إِلَى ظُلْمَةِ كُفْرِهِ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَمُدَّهَا بِالْحَطَبِ ذَهَبَ ضَوْؤُهَا، كَذَلِكَ الْمُنَافِقُ، إِذَا لَمْ يَسْتَدِمِ الْإِيمَانَ ذَهَبَ إِيمَانُهُ. الرَّابِعُ: أَنَّ الْمُسْتَضِيءَ بِهَا نُورُهُ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ لَا مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النَّارُ بَقِيَ فِي ظُلْمَةٍ، كَذَلِكَ الْمُنَافِقُ لَمَّا أَقَرَّ بِلِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ اعْتِقَادِ قَلْبِهِ كَانَ نُورُ إِيمَانِهِ كَالْمُسْتَعَارِ. الْخَامِسُ: أَنَّ اللَّهَ شَبَّهَ إِقْبَالَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالْإِضَاءَةِ وَعَلَى الْمُشْرِكِينَ الذهاب، قَالَهُ مُجَاهِدٌ: السَّادِسُ: شَبَّهَ الْهُدَى الَّذِي بَاعُوهُ بِالنُّورِ الَّذِي حَصَلَ لِلْمُسْتَوْقِدِ، وَالضَّلَالَةَ الْمُشْتَرَاةَ بِالظُّلُمَاتِ. السَّابِعُ: أَنَّهُ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْمُنَافِقِ لِأَنَّهُ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ فَحَقَنَ بِهِ دَمَهُ وَمَشَى فِي حُرْمَتِهِ وَضِيَائِهِ ثُمَّ سَلَبَهُ فِي الْآخِرَةِ عِنْدَ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ، رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ الْحَسَنِ، وَهَذِهِ الْأَقَاوِيلُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ نَزَلَ فِي الْمُنَافِقِينَ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَتَادَةُ، وَالضَّحَّاكُ، وَالسُّدِّيِّ، وَمُقَاتِلٍ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ، وَعَطَاءٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَيَمَانِ بْنِ رِئَابٍ، أَنَّهَا فِي الْيَهُودِ، فَتَكُونُ فِي الْمُمَاثَلَةِ إِذْ ذَاكَ وُجُوهٌ ذَكَرُوهَا: الْأَوَّلُ: أَنَّ مُسْتَوْقِدَ النَّارِ يَسْتَضِيءُ بِنُورِهَا وَيَتَأَنَّسُ وَتَذْهَبُ عَنْهُ وَحْشَةُ الظَّلْمَةِ، وَالْيَهُودُ لَمَّا كانوا يبشرون بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَسْتَفْتِحُونَ بِهِ عَلَى أَعْدَائِهِمْ وَيَسْتَنْصِرُونَ بِهِ فَيُنْصَرُونَ، شَبَّهَ حَالَهُمْ بِحَالِ الْمُسْتَوْقِدِ النَّارَ، فَلَمَّا بُعِثَ وَكَفَرُوا بِهِ، أَذْهَبَ اللَّهُ ذَلِكَ النُّورَ عَنْهُمْ. الثَّانِي: شَبَّهَ نَارَ حَرْبِهِمُ الَّتِي شَبُّوهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَارِ الْمُسْتَوْقِدِ، وَإِطْفَاءَهَا بِذَهَابِ النُّورِ الَّذِي لِلْمُسْتَوْقِدِ. الثَّالِثُ: شَبَّهَ مَا كَانُوا يَتْلُونَهُ فِي التَّوْرَاةِ مِنِ اسْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصِفَتِهِ وَصِفَةِ أُمَّتِهِ وَدِينِهِ وَأَمْرِهِمْ بِاتِّبَاعِهِ بِالنُّورِ الْحَاصِلِ لِمَنِ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَلَمَّا

[1] سورة الفيل: 105/ 5.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 124
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست