responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 114
وَرَبِيعَةَ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْقَوْلَانِ مِنْهُمْ، فَقَالُوا لِلْمُؤْمِنِينَ: آمَنَّا، وَلِشَيَاطِينِهِمْ إِنَّا مَعَكُمْ. فَانْظُرْ إِلَى تَفَاوُتِ الْقَوْلَيْنِ، فَحِينَ لَقُوا الْمُؤْمِنِينَ قَالُوا آمَنَّا، أَخْبَرُوا بِالْمُطْلَقِ، كَمَا تَقَدَّمَ، مِنْ غَيْرِ تَوْكِيدٍ، لِأَنَّ مَقْصُودَهُمُ الْإِخْبَارُ بِحُدُوثِ ذَلِكَ وَنَشْئِهِ مِنْ قِبَلِهِمْ، لَا فِي ادِّعَاءِ أَنَّهُمْ أَوْحَدِيُّونَ فِيهِ، أَوْ لِأَنَّهُ لَا تُطَوِّعُ بِذَلِكَ أَلْسِنَتُهُمْ لِأَنَّهُ لَا بَاعِثَ لَهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ حَقِيقَةً، أَوْ لِأَنَّهُ لَوْ أَكَّدُوهُ مَا رَاجَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَاكْتَفَوْا بِمُطْلَقِ الْإِيمَانِ، وَذَلِكَ خِلَافَ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ: رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا، وَحِينَ لَقُوا شَيَاطِينَهُمْ، أَوْ خَلَوْا إِلَيْهِمْ قَالُوا: إِنَّا مَعَكُمْ، فَأَخْبَرُوا أَنَّهُمْ مُوَافِقُوهُمْ، وَأَخْرَجُوا الْأَخْبَارَ فِي جُمْلَةٍ اسْمِيَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ بِإِنَّ لِيَدُلُّوا بِذَلِكَ عَلَى ثَبَاتِهِمْ فِي دِينِهِمْ، ثُمَّ بَيَّنُوا أَنَّ مَا أَخْبَرُوا بِهِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِهْزَاءِ، فَلَمْ يَكْتَفُوا بِالْإِخْبَارِ بِالْمُوَافَقَةِ، بَلْ بَيَّنُوا أَنَّ سَبَبَ مَقَالَتِهِمْ لِلْمُؤْمِنِينَ إِنَّمَا هُوَ الِاسْتِهْزَاءُ وَالِاسْتِخْفَافُ، لَا أَنَّ ذَلِكَ صَادِرٌ مِنْهُمْ عَنْ صِدْقٍ، وَجِدٍّ، وَأَبْرَزُوا هَذَا فِي الأخبار في جملة اسمية مُؤَكَّدَةٍ بِإِنَّمَا مُخْبَرٌ عَنِ الْمُبْتَدَأِ فِيهَا بِاسْمِ الْفَاعِلِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الثُّبُوتِ، وَأَنَّ الِاسْتِهْزَاءَ وَصْفٌ ثَابِتٌ لَهُمْ، لَا أَنَّ ذَلِكَ تَجَدُّدٌ عِنْدَهُمْ، بَلْ ذَلِكَ مِنْ خُلُقِهِمْ وَعَادَتِهِمْ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ، وَكَأَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ وَقَعَتْ جَوَابًا لِمُنْكِرٍ عَلَيْهِمْ قَوْلَهُمْ: إِنَّا مَعَكُمْ، كَأَنَّهُ قَالَ: كَيْفَ تَدَّعُونَ أَنَّكُمْ مَعَنَا وَأَنْتُمْ مُسَالِمُونَ لِلْمُؤْمِنِينَ، تُصَدِّقُونَهُمْ، وَتُكَثِّرُونَ سَوَادَهُمْ، وَتَسْتَقْبِلُونَ قِبْلَتَهُمْ، وَتَأْكُلُونَ ذَبَائِحَهُمْ؟
فَأَجَابُوهُمْ بقولهم: إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ، أَيْ مُسْتَخِفُّونَ بِهِمْ، نُصَانِعُ بِمَا نُظْهِرُ مِنْ ذَلِكَ عَنْ دِمَائِنَا وَأَمْوَالِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا، فَنَحْنُ نُوَافِقُهُمْ ظَاهِرًا وَنُوَافِقُكُمْ بَاطِنًا، وَالْقَائِلُ إِنَّا مَعَكُمْ، إِمَّا الْمُنَافِقُونَ لِكِبَارِهِمْ، وَإِمَّا كل المنافقين للكافرين، وقرىء: مستهزءون، بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ، وَهُوَ الْأَصْلُ، وَبِقَلْبِهَا يَاءً مَضْمُومَةً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْذِفُ الْيَاءَ تَشْبِيهًا بِالْيَاءِ الْأَصْلِيَّةِ فِي نَحْوِ: يَرْمُونَ، فَيَضُمُّ الرَّاءَ. وَمَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي تَحْقِيقِهَا: أَنْ تُجْعَلَ بَيْنَ بَيْنَ. وَمَذْهَبُ أَبِي الْحَسَنِ: أَنْ تُقْلَبَ يَاءً قَلْبًا صَحِيحًا. قَالَ أَبُو الْفَتْحِ: حَالُ الْيَاءِ الْمَضْمُومَةِ مُنْكَرٌ، كَحَالِ الْهَمْزَةِ الْمَضْمُومَةِ. وَالْعَرَبُ تَعَافُ يَاءً مَضْمُومَةً قَبْلَهَا كَسْرَةٌ، وَأَكْثَرُ الْقُرَّاءِ عَلَى مَا ذهب إلى سِيبَوَيْهِ، انْتَهَى.
وَهَلِ الِاجْتِمَاعُ وَالْمَعِيَّةُ فِي الدِّينِ، أَوْ فِي النُّصْرَةِ وَالْمَعُونَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، أَوْ فِي اتِّفَاقِهِمْ مَعَ الْكُفَّارِ عَلَى اطِّلَاعِهِمْ عَلَى أَحْوَالِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِعْلَامِهِمْ بِمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنَ الْأَمْرِ وَأَخْفَوْهُ مِنَ الْمَكَايِدِ، أَوْ فِي اتِّفَاقِهِمْ مَعَ الْكُفَّارِ عَلَى أَذَى الْمُسْلِمِينَ وَتَرَبُّصِهِمْ بِهِمُ الدَّوَائِرَ وَفَرَحِهِمْ بِمَا يَسُوءُ الْمُسْلِمِينَ وَحُزْنِهِمْ بِمَا يَسُرُّهُمْ وَقَصْدِهِمْ إِخْمَادَ كَلِمَةِ اللَّهِ؟ أَقْوَالٌ أَرْبَعَةٌ، وَالدَّوَاعِي إِلَى الِاسْتِهْزَاءِ: خَوْفُ الْأَذَى، وَاسْتِجْلَابُ النَّفْعِ،

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 114
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست