responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 106
ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إِلَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ أَجَازَ وُقُوعَ الْفَاعِلِ جُمْلَةً، وَلَيْسَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْبَصْرِيِّينَ.
وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْمَذَاهِبُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ، وَالْمَفْعُولُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ فِي ذَلِكَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْفَاعِلِ، وَتَخْرِيجُهُ عَلَى مَذْهَبِ جُمْهُورِ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّ الْمَفْعُولَ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ هُوَ مُضْمَرٌ تَقْدِيرُهُ هُوَ، يُفَسِّرُهُ سِيَاقُ الْكَلَامِ كَمَا فَسَّرَ الْمُضْمَرَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ [1] سِيَاقُ الْكَلَامِ وَالْمَعْنَى، وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ قَوْلٌ شَدِيدٌ فَأُضْمِرَ هَذَا الْقَوْلُ الْمَوْصُوفُ وَجَاءَتِ الْجُمْلَةُ بَعْدَهُ مُفَسِّرَةً، فَلَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ لِأَنَّهَا مُفَسِّرَةٌ لِذَلِكَ الْمُضْمَرِ الَّذِي هُوَ الْقَوْلُ الشَّدِيدُ، وَلَا جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَظِمُ مِنْهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ كَلَامٌ، لِأَنَّهُ يَبْقَى لَا تُفْسِدُوا لَا ارْتِبَاطَ لَهُ، إِذْ لَا يَكُونُ مَعْمُولًا لِلْقَوْلِ مُفَسِّرًا لَهُ.
وَزَعَمَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَنَّ الْمَفْعُولَ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ هُوَ الْجُمْلَةُ الَّتِي هِيَ: لَا تُفْسِدُوا، وَجَعَلَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْإِسْنَادِ اللَّفْظِيِّ وَنَظَّرَهُ بِقَوْلِكَ أَلِفٌ حَرْفٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ، وَمِنْهُ زَعَمُوا مَطِيَّةَ الْكَذِبِ، قَالَ: كَأَنَّهُ قِيلَ: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ هَذَا الْقَوْلُ وَهَذَا الْكَلَامُ، انْتَهَى. فَلَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ بَابِ الْإِسْنَادِ إِلَى مَعْنَى الْجُمْلَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ جُمْهُورِ الْبَصْرِيِّينَ، فَعُدِلَ إِلَى الْإِسْنَادِ اللَّفْظِيِّ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَخْتَصُّ بِهِ الِاسْمُ بَلْ يُوجَدُ فِي الِاسْمِ وَالْفِعْلِ وَالْحَرْفِ وَالْجُمْلَةِ، وَإِذَا أَمْكَنَ الْإِسْنَادُ الْمَعْنَوِيُّ لَمْ يُعْدَلْ إِلَى الْإِسْنَادِ اللَّفْظِيِّ، وَقَدْ أَمْكَنَ ذَلِكَ بِالتَّخْرِيجِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: لَهُمْ، لِلتَّبْلِيغِ، وَهُوَ أَحَدُ الْمَعَانِي السَّبْعَةَ عَشَرَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا لِلَّامِ عِنْدَ كَلَامِنَا عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: الْحَمْدُ لِلَّهِ. وَإِفْسَادُهُمْ فِي الْأَرْضِ بِالْكُفْرِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَوِ الْمَعَاصِي، قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ وَمُقَاتِلٌ، أَوْ بِهِمَا، قَالَهُ السُّدِّيُّ عَنْ أَشْيَاخِهِ أَوْ بِتَرْكِ امْتِثَالِ الْأَمْرِ وَاجْتِنَابِ النَّهْيِ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ أَوْ بِالنِّفَاقِ الَّذِي صَافَوْا بِهِ الْكُفَّارَ وَأَطْلَعُوهُمْ عَلَى أَسْرَارِ الْمُؤْمِنِينَ، ذَكَرَهُ عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَوْ بِإِعْرَاضِهِمْ عَنِ الْإِيمَانِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقُرْآنِ أَوْ بِقَصْدِهِمْ تَغْيِيرَ الْمِلَّةِ، قَالَهُ الضَّحَّاكَ، أَوْ بِاتِّبَاعِهِمْ هَوَاهُمْ وَتَرْكِهِمُ الْحَقَّ مَعَ وُضُوحِهِ، قَالَهُ بَعْضُهُمْ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الْإِفْسَادُ فِي الْأَرْضِ تَهْيِيجُ الْحُرُوبِ وَالْفِتَنِ، قَالَ: لِأَنَّ فِي ذَلِكَ فَسَادُ مَا فِي الْأَرْضِ وَانْتِفَاءُ الِاسْتِقَامَةِ عَنْ أَحْوَالِ النَّاسِ وَالزُّرُوعِ وَالْمَنَافِعِ الدينية والدنيوية،

[1] سورة ص: 38/ 32.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 106
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست