responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 7  صفحه : 374
يَقْتَضِيهِ وُجُودُ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ بِذَلِكَ الْمَوْلِدِ الْمُبَارَكِ مِنْ إِيقَادِ الشَّمْعِ وَإِمْتَاعِ الْبَصَرِ وَالسَّمْعِ وَالتَّزَيُّنِ بِلُبْسِ فَاخِرِ الثِّيَابِ وَرُكُوبِ فَارِهِ الدَّوَابِّ - أَمْرٌ مُبَاحٌ لَا يُنْكَرُ عَلَى أَحَدٍ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أَوْقَاتِ الْفَرَحِ.
وَالْحُكْمُ بِكَوْنِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِدْعَةً فِي هَذَا الْوَقْتِ الَّذِي ظَهَرَ فِيهِ سِرُّ الْوُجُودِ وَارْتَفَعَ فِيهِ عِلْمُ الشُّهُودِ وَانْقَشَعَ فِيهِ ظَلَامُ الْكُفْرِ وَالْجُحُودِ، وَادِّعَاءُ أَنَّ هَذَا الزَّمَانَ لَيْسَ مِنَ الْمَوَاسِمِ الْمَشْرُوعَةِ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ، وَمُقَارَنَةُ ذَلِكَ بِالنَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانُ - أَمْرٌ مُسْتَثْقَلٌ تَشْمَئِزُّ مِنْهُ الْقُلُوبُ السَّلِيمَةُ وَتَدْفَعُهُ الْآرَاءُ الْمُسْتَقِيمَةُ.
وَلِقَدْ كُنْتُ فِيمَا خَلَا مِنَ الزَّمَانِ خَرَجْتُ فِي يَوْمِ مَوْلِدٍ إِلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَاتَّفَقَ أَنْ وَجَدْتُ هُنَاكَ سَيِّدِي الْحَاجَّ ابْنَ عَاشِرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَدْ أَخْرَجَ بَعْضُهُمْ طَعَامًا مُخْتَلِفًا لِيَأْكُلُوهُ هُنَالِكَ.
فَلَمَّا قَدَّمُوهُ لِذَلِكَ أَرَادُوا مِنِّي مُشَارَكَتَهُمْ فِي الْأَكْلِ، وَكُنْتُ إِذْ ذَاكَ صَائِمًا فَقُلْتُ لَهُمْ: إِنِّي صَائِمٌ، فَنَظَرَ إِلَيَّ سَيِّدِي الْحَاجُّ نَظْرَةً مُنْكَرَةً، وَقَالَ لِي مَا مَعْنَاهُ: إِنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ فَرَحٍ وَسُرُورٍ يُسْتَقْبَحُ فِي مَثَلِهِ الصِّيَامُ بِمَنْزِلَةِ الْعِيدِ، فَتَأَمَّلْتُ كَلَامَهُ فَوَجَدْتُهُ حَقًّا، وَكَأَنَّنِي كُنْتُ نَائِمًا فَأَيْقَظَنِي. انْتَهَى بِلَفْظِهِ.
فَهَذَا الْكَلَامُ الَّذِي يَقْتَضِي قُبْحَ صَوْمِ يَوْمِ الْمَوْلِدِ وَجَعْلَهُ كَيَوْمِ الْعِيدِ مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا قَوْلِ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلَا مِنْ تَابِعِيهِ.
وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَلَا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ الْمَعْرُوفِينَ الَّذِي أَدْخَلَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَمَالِكٌ بَرِيءٌ مِنْهُ بَرَاءَةَ الشَّمْسِ مِنَ اللَّمْسِ، وَلَمْ يَجْرِ عَلَى أُصُولِ مَذْهَبِهِ، لِأَنَّ عِلَّةَ تَحْرِيمِ صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ وَالْفِطْرِ عِنْدَهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُكَلِّفُ عِبَادَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ عِبَادَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ وَالْأَمْرُ بِهِمَا عَامٌّ لِكُلِّ مَنْ يَسْتَطِيعُهُمَا، وَإِحْدَاهُمَا تَجِبُ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَهِيَ الْحَجُّ. وَالثَّانِيَةُ تَجِبُ كُلَّ سَنَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْهَا، وَهِيَ الصَّوْمُ، فَإِذَا انْتَهَتْ عِبَادَةُ الْحَجِّ أَوْ عِبَادَةُ الصَّوْمِ أَلْزَمَ اللَّهُ النَّاسَ كُلَّهُمْ أَنْ يَكُونُوا فِي ضِيَافَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَوْمَ عِيدِ الْفِطْرِ.
فَمَنْ صَامَ فِي أَحَدِ الْيَوْمَيْنِ أَعْرَضَ عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ، وَالْإِعْرَاضُ عَنْ ضِيَافَتِهِ تَعَالَى لَا يَجُوزُ.

نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 7  صفحه : 374
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست