responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 5  صفحه : 425
الْبَحْثِ مِنْ بَابِ دَلَالَةِ الْمَفْهُومِ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ قَرِيبًا ; لِأَنَّ الْعُمُومَاتِ الْمَذْكُورَةَ لَا يَصِحُّ تَخْصِيصُ عُمُومِهَا إِلَّا بِدَلِيلٍ مَنْطُوقًا كَانَ أَوْ مَفْهُومًا، كَمَا تَقَدَّمَ إِيضَاحُهُ.
وَأَمَّا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالشَّافِعِيِّ بِأَنَّ آيَةَ: الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ فَهُوَ مُسْتَبْعَدٌ ; لِأَنَّ الْمُقَرَّرَ فِي أُصُولِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ هُوَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ نَسْخُ الْخَاصِّ بِالْعَامِّ، وَأَنَّ الْخَاصَّ يَقْضِي عَلَى الْعَامِّ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ تَقَدَّمَ نُزُولُهُ عَنْهُ أَوْ تَأَخَّرَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ آيَةَ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ أَعَمُّ مُطْلَقًا مِنْ آيَةِ: الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً فَالْقَوْلُ بِنَسْخِهَا لَهَا مَمْنُوعٌ عَلَى الْمُقَرَّرِ فِي أُصُولِ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورِينَ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى الْمُقَرَّرِ فِي أُصُولِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَمَا قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ فِي سُورَةِ «الْأَنْعَامِ» ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْ قَوْلِ سَعِيدٍ، وَالشَّافِعِيِّ بِالنَّسْخِ بِأَنَّهُمَا فَهِمَاهُ مِنْ قَرِينَةٍ فِي الْآيَةِ، وَهِيَ أَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدِ الْأَيَامَى الْأَحْرَارَ بِالصَّلَاحِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالصَّلَاحِ فِي أَيَامَى الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ، وَلِذَا قَالَ بَعْدَ الْآيَةِ: وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ [24 \ 32] .
قَالَ مُقَيِّدُهُ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ -: هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ أَصْعَبِ الْآيَاتِ تَحْقِيقًا; لِأَنَّ حَمْلَ النِّكَاحِ فِيهَا عَلَى التَّزْوِيجِ، لَا يُلَائِمُ ذِكْرَ الْمُشْرِكَةِ وَالْمُشْرِكِ، وَحَمْلَ النِّكَاحِ فِيهَا عَلَى الْوَطْءِ لَا يُلَائِمُ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْآيَةِ، فَإِنَّهَا تُعَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّكَاحِ فِي الْآيَةِ: التَّزْوِيجُ، وَلَا أَعْلَمُ مَخْرَجًا وَاضِحًا مِنَ الْإِشْكَالِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِلَّا مَعَ بَعْضِ تَعَسُّفٍ، وَهُوَ أَنَّ أَصَحَّ الْأَقْوَالِ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ كَمَا حَرَّرَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ ابْنُ تَيْمِيَةَ فِي رِسَالَتِهِ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ، وَعَزَاهُ لِأَجِلَّاءِ عُلَمَاءِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ هُوَ جَوَازُ حَمْلِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ، أَوْ مَعَانِيهِ، فَيَجُوزُ أَنْ تَقُولَ: عَدَا اللُّصُوصُ الْبَارِحَةَ عَلَى عَيْنِ زَيْدٍ، وَتَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُمْ عَوَّرُوا عَيْنَهُ الْبَاصِرَةَ وَغَوَّرُوا عَيْنَهُ الْجَارِيَةَ، وَسَرَقُوا عَيْنَهُ الَّتِي هِيَ ذَهَبُهُ أَوْ فِضَّتُهُ.
وَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ، فَاعْلَمْ أَنَّ النِّكَاحَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْوَطْءِ وَالتَّزْوِيجِ، خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي أَحَدِهِمَا، مَجَازٌ فِي الْآخَرِ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ سَابِقًا، وَإِذَا جَازَ حَمْلُ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ، فَيُحْمَلُ النِّكَاحُ فِي الْآيَةِ عَلَى الْوَطْءِ، وَعَلَى التَّزْوِيجِ مَعًا، وَيَكُونُ ذِكْرُ الْمُشْرِكَةِ وَالْمُشْرِكِ عَلَى تَفْسِيرِ النِّكَاحِ بِالْوَطْءِ دُونَ الْعَقْدِ، وَهَذَا هُوَ نَوْعُ التَّعَسُّفِ الَّذِي أَشَرْنَا لَهُ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 5  صفحه : 425
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست