responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 5  صفحه : 355
يُجَابُونَ عِنْدَ حُضُورِ الْمَوْتِ، وَيَوْمَ النُّشُورِ وَوَقْتَ عَرْضِهِمْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَوَقْتَ عَرْضِهِمْ عَلَى النَّارِ.
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ سُؤَالٌ مَعْرُوفٌ: وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: مَا وَجْهُ صِيغَةِ الْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ: رَبِّ ارْجِعُونِ وَلَمْ يَقُلْ: رَبِّ ارْجِعْنِي بِالْإِفْرَادِ.
وَقَدْ أَوْضَحْنَا الْجَوَابَ عَنْ هَذَا فِي كِتَابِنَا: «دَفْعُ إِيهَامِ الِاضْطِرَابِ عَنْ آيَاتِ الْكِتَابِ» ، وَبَيَّنَّا أَنَّهُ يُجَابُ عَنْهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
الْأَوَّلُ: وَهُوَ أَظْهَرُهَا: أَنَّ صِيغَةَ الْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ: ارْجِعُونِ، لِتَعْظِيمِ الْمُخَاطَبِ وَذَلِكَ النَّادِمُ السَّائِلُ الرَّجْعَةَ يُظْهِرُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ تَعْظِيمَهُ رَبَّهُ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَوْلُ الشَّاعِرِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ أَوْ غَيْرِهِ:
أَلَا فَارْحَمُونِي يَا إِلَهَ مُحَمَّدٍ ... فَإِنْ لَمْ أَكُنْ أَهْلًا فَأَنْتَ لَهُ أَهْلُ
وَقَوْلُ الْآخَرِ يُخَاطِبُ امْرَأَةً:
وَإِنْ شِئْتِ حَرَّمْتُ النِّسَاءَ سِوَاكُمُ ... وَإِنْ شِئْتِ لَمْ أَطْعَمْ نُقَاخًا وَلَا بَرْدًا
وَالنُّقَاخُ: الْمَاءُ الْبَارِدُ. وَالْبَرْدُ: النَّوْمُ، وَقِيلَ: ضِدُّ الْحَرِّ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: قَوْلُهُ: رَبِّ اسْتِغَاثَةٌ بِهِ تَعَالَى، وَقَوْلُهُ: ارْجِعُونِ: خِطَابٌ لِلْمَلَائِكَةِ، وَيُسْتَأْنَسُ لِهَذَا الْوَجْهِ بِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ: «إِذَا عَايَنَ الْمُؤْمِنُ الْمَلَائِكَةَ قَالُوا نُرْجِعُكَ إِلَى دَارِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: إِلَى دَارِ الْهُمُومِ وَالْأَحْزَانِ، فَيَقُولُ: بَلْ قَدِّمُونِي إِلَى اللَّهِ. وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَقُولُونَ لَهُ: نُرْجِعُكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّ ارْجِعُونِ» .
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلُ الْمَازِنِيِّ: إِنَّهُ جَمَعَ الضَّمِيرَ لِيَدُلَّ عَلَى التَّكْرَارِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: رَبِّ ارْجِعْنِي ارْجِعْنِي ارْجِعْنِي، وَلَا يَخْفَى بُعْدُ هَذَا الْقَوْلِ كَمَا تَرَى، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا الظَّاهِرُ أَنَّ لَعَلَّ فِيهِ لِلتَّعْلِيلِ، أَيِ: ارْجِعُونِ ; لِأَجْلِ أَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا، وَقِيلَ: هِيَ لِلتَّرَجِّي وَالتَّوَقُّعِ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ جَازِمٍ، بِأَنَّهُ إِذَا رُدَّ لِلدُّنْيَا عَمِلَ صَالِحًا، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَشْمَلُ جَمِيعَ الْأَعْمَالِ مِنَ الشَّهَادَتَيْنِ وَالْحَجِّ الَّذِي كَانَ قَدْ فَرَّطَ فِيهِ وَالصَّلَوَاتِ وَالزَّكَاةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَوْلُهُ كَلَّا: كَلِمَةُ زَجْرٍ: وَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الرَّجْعَةَ الَّتِي طَلَبَهَا لَا يُعْطَاهَا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ.

نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 5  صفحه : 355
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست