responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 5  صفحه : 288
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْقُرْآنَ دَلَّ عَلَى بُطْلَانِهَا، وَلَمْ تَثْبُتْ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ، مَعَ اسْتِحَالَةِ الْإِلْقَاءِ عَلَى لِسَانِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا ذُكِرَ شَرْعًا، وَمَنْ أَثْبَتَهَا نَسَبَ التَّلَفُّظَ بِذَلِكَ الْكُفْرِ لِلشَّيْطَانِ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ نُطْقَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ الْكُفْرِ، وَلَوْ سَهْوًا مُسْتَحِيلٌ شَرْعًا، وَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى بُطْلَانِهِ، وَهُوَ بَاطِلٌ قَطْعًا عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَالْغَرَانِيقُ: الطَّيْرُ الْبِيضُ الْمَعْرُوفَةُ وَاحِدُهَا: غُرْنُوقٌ كَزُنْبُورٍ وَفِرْدَوْسٍ، وَفِيهِ لُغَاتٌ غَيْرُ ذَلِكَ، يَزْعُمُونَ أَنَّ الْأَصْنَامَ تَرْتَفِعُ إِلَى اللَّهِ كَالطَّيْرِ الْبِيضِ، فَتَشْفَعُ عِنْدَهُ لِعَابِدِيهَا قَبَّحَهُمُ اللَّهُ مَا أَكْفَرَهُمْ! وَنَحْنُ وَإِنْ ذَكَرْنَا أَنَّ قَوْلَهُ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ يُسْتَأْنَسُ بِهِ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ مَفْعُولَ الْإِلْقَاءِ الْمَحْذُوفِ تَقْدِيرُهُ:
أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي قِرَاءَتِهِ مَا لَيْسَ مِنْهَا ; لِأَنَّ النَّسْخَ هُنَا هُوَ النَّسْخُ اللُّغَوِيُّ، وَمَعْنَاهُ الْإِبْطَالُ وَالْإِزَالَةُ مِنْ قَوْلِهِمْ: نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ، وَنَسَخَتِ الرِّيحُ الْأَثَرَ، وَهَذَا كَأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يَنْسَخُ شَيْئًا أَلْقَاهُ الشَّيْطَانُ، لَيْسَ مِمَّا يَقْرَؤُهُ الرَّسُولُ أَوِ النَّبِيُّ، فَالَّذِي يَظْهَرُ لَنَا أَنَّهُ الصَّوَابُ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ يَدُلُّ عَلَيْهِ دَلَالَةً وَاضِحَةً، وَإِنْ لَمْ يَنْتَبِهْ لَهُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْآيَةِ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: هُوَ أَنَّ مَا يُلْقِيهِ الشَّيْطَانُ فِي قِرَاءَةِ النَّبِيِّ: الشُّكُوكُ وَالْوَسَاوِسُ الْمَانِعَةُ مِنْ تَصْدِيقِهَا وَقَبُولِهَا، كَإِلْقَائِهِ عَلَيْهِمْ أَنَّهَا سِحْرٌ أَوْ شِعْرٌ، أَوْ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ، وَأَنَّهَا مُفْتَرَاةٌ عَلَى اللَّهِ لَيْسَتْ مُنَزَّلَةً مِنْ عِنْدِهِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ بَيَّنَ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي الْإِلْقَاءِ الْمَذْكُورِ امْتِحَانُ الْخَلْقِ، لِأَنَّهُ قَالَ لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ 2 \ 53] ثُمَّ قَالَ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ [22 \ 54] فَقَوْلُهُ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ الْآيَةَ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّيْطَانَ يُلْقِي عَلَيْهِمْ، أَنَّ الَّذِي يَقْرَؤُهُ النَّبِيُّ لَيْسَ بِحَقٍّ فَيُصَدِّقُهُ الْأَشْقِيَاءُ، وَيَكُونُ ذَلِكَ فِتْنَةً لَهُمْ، وَيُكَذِّبُهُ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ لَا الْكَذِبُ ; كَمَا يَزْعُمُ لَهُمُ الشَّيْطَانُ فِي إِلْقَائِهِ: فَهَذَا الِامْتِحَانُ لَا يُنَاسِبُ شَيْئًا زَادَهُ الشَّيْطَانُ مِنْ نَفْسِهِ فِي الْقِرَاءَةِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ، فَمَعْنَى نَسْخِ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ: إِزَالَتُهُ وَإِبْطَالُهُ، وَعَدَمُ تَأْثِيرِهِ فِي الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ.
وَمَعْنَى يُحْكِمُ آيَاتِهِ: يُتْقِنُهَا بِالْإِحْكَامِ، فَيُظْهِرُ أَنَّهَا وَحْيٌ مُنَزَّلٌ مِنْهُ بِحَقٍّ، وَلَا يُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ مُحَاوَلَةُ الشَّيْطَانِ صَدَّ النَّاسِ عَنْهَا بِإِلْقَائِهِ الْمَذْكُورِ، وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ أَنَّهُ يُسَلِّطُ الشَّيْطَانَ فَيَلْقَى فِي قِرَاءَةِ الرَّسُولِ وَالنَّبِيِّ، فِتْنَةً لِلنَّاسِ لِيَظْهَرَ مُؤْمِنُهُمْ مِنْ كَافِرِهِمْ.

نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 5  صفحه : 288
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست