responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 5  صفحه : 183
أَفْضَلُ مِنَ التَّقْصِيرِ ; لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالْمُقَصِّرِينَ؟ قَالَ: «رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ» ، قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ؟ فَقَالَ: «وَالْمُقَصِّرِينَ» فِي الرَّابِعَةِ، أَوِ الثَّالِثَةِ كَمَا تَقَدَّمَ إِيضَاحُهُ. فَدَلَّ دُعَاؤُهُ لِلْمُحَلِّقِينَ بِالرَّحْمَةِ مِرَارًا: عَلَى أَنَّ الْحَلْقَ نُسُكٌ ; لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ قُرْبَةً لِلَّهِ تَعَالَى لَمَا اسْتَحَقَّ فَاعِلُهُ دُعَاءَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ بِالرَّحْمَةِ، وَدَلَّ تَأْخِيرُ الدُّعَاءِ لِلْمُقَصِّرِينَ إِلَى الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ أَنَّ التَّقْصِيرَ مَفْضُولٌ، وَأَنَّ الْحَلْقَ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَالتَّقْصِيرُ مَعَ كَوْنِهِ مَفْضُولًا: يُجْزِئُ بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ [48 \ 27] ، وَقَدْ رَوَى الشَّيْخَانِ، وَغَيْرُهُمَا: التَّقْصِيرَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.
فَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرٍ: أَنَّهُ حَجَّ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ مُفْرَدًا، فَقَالَ لَهُمْ: «أَحِلُّوا مِنْ إِحْرَامِكُمْ بِطَوَافِ الْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَقَصِّرُوا» . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «حَلَقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَلَقَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ» ، وَقَدْ قَدَّمْنَا حَدِيثَ مُعَاوِيَةَ الثَّابِتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، قَالَ: قَصَّرْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِشْقَصٍ عَلَى الْمَرْوَةِ وَحَدِيثَ: «رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ» ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: «وَالْمُقَصِّرِينَ» إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ.
وَقَدْ أَجْمَعَ جَمِيعُ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّ التَّقْصِيرَ مُجْزِئٌ، وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَكْفِي فِي الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ: يَكْفِي فِيهِمَا حَلْقُ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ فَصَاعِدًا أَوْ تَقْصِيرُهَا ; لِأَنَّ ذَلِكَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَلْقٌ أَوْ تَقْصِيرٌ ; لِأَنَّ الثَّلَاثَ جَمْعٌ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَكْفِي حَلْقُ رُبُعِ الرَّأْسِ، أَوْ تَقْصِيرُ رُبُعِهِ بِقَدْرِ الْأُنْمُلَةِ.
وَقَالَ مَالِكٌ، وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُهُمَا: يَجِبُ حَلْقُ جَمِيعِ الرَّأْسِ، أَوْ تَقْصِيرُ جَمِيعِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ فِي التَّقْصِيرِ تَتَبُّعُ كُلِّ شَعْرَةٍ، بَلْ يَكْفِيهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِ الرَّأْسِ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: يَكْفِيهِ قَدْرُ الْأُنْمُلَةِ، وَالْمَالِكِيَّةُ يَقُولُونَ: يُقَصِّرُهُ إِلَى الْقُرْبِ مِنْ أُصُولِ الشِّعْرِ.
قَالَ مُقَيِّدُهُ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ -: أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ عِنْدِي: أَنَّهُ يَلْزَمُ حَلْقُ جَمِيعِ الرَّأْسِ، أَوْ تَقْصِيرُ جَمِيعِهِ، وَلَا يَلْزَمُ تَتَبُّعُ كُلِّ شَعْرَةٍ فِي التَّقْصِيرِ ; لِأَنَّ فِيهِ مَشَقَّةً كَبِيرَةً، بَلْ يَكْفِي تَقْصِيرُ جَمِيعِ جَوَانِبِ الرَّأْسِ مَجْمُوعَةً أَوْ مُفَرَّقَةً، وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي الرُّبُعُ، وَلَا ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ، وَلَمْ يَقُلْ:

نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 5  صفحه : 183
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست