responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 5  صفحه : 179
بِهَدْيٍ فَقَالَ: " إِنْ عَطِبَ فَانْحَرْهُ، ثُمَّ اصْبُغْ نَعْلَهُ فِي دَمِهِ، ثُمَّ خَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ " اهـ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: " وَبَيْنَ النَّاسِ "، يَشْمَلُ بِعُمُومِهِ سَائِقَ الْهَدْيِ وَرُفْقَتَهُ.
فَالْجَوَابُ أَنَّ حَدِيثَ مُسْلِمٍ أَصَحُّ وَأَخَصُّ، وَالْخَاصُّ يَقْضِي عَلَى الْعَامِّ ; لِأَنَّ حَدِيثَ مُسْلِمٍ أَخْرَجَ السَّائِقَ وَرُفْقَتَهُ مِنْ عُمُومِ حَدِيثِ أَصْحَابِ السُّنَنِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْخَاصَّ يَقْضِي عَلَى الْعَامِّ.
وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْعُلَمَاءِ تَفَاصِيلَ فِي حُكْمِ مَا عَطِبَ مِنَ الْهَدْيِ، قَبْلَ نَحْرِهِ بِمَحِلِّ النَّحْرِ، سَنَذْكُرُ أَرْجَحَهَا عِنْدَنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِقْصَاءٍ لِلْأَقْوَالِ وَالْحُجَجِ ; لِأَنَّ مَسَائِلَ الْحَجِّ أَطَلْنَا عَلَيْهَا الْكَلَامَ طُولًا يَقْتَضِي الِاخْتِصَارَ فِي بَعْضِهَا خَوْفَ الْإِطَالَةِ الْمُمِلَّةِ.
اعْلَمْ أَوَّلًا أَنَّ الْهَدْيَ إِمَّا وَاجِبٌ، وَإِمَّا تَطَوُّعٌ، وَالْوَاجِبُ إِمَّا بِالنَّذْرِ، أَوْ بِغَيْرِهِ، وَالْوَاجِبُ بِالنَّذْرِ، إِمَّا مُعَيَّنٌ، أَوْ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، فَالظَّاهِرُ الَّذِي لَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ أَنَّ الْهَدْيَ الْوَاجِبَ بِغَيْرِ النَّذْرِ كَهَدْيِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، وَالدِّمَاءَ الْوَاجِبَةَ بِتَرْكِ وَاجِبٍ، أَوْ فِعْلِ مَحْظُورٍ، وَالْوَاجِبُ بِالنَّذْرِ فِي ذِمَّتِهِ، كَأَنْ يَقُولَ: عَلَيَّ لِلَّهِ نَذْرٌ أَنْ أَهْدِيَ هَدْيًا، أَنَّ لِجَمِيعِ ذَلِكَ حَالَتَيْنِ.
الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ سَاقَ مَا ذَكَرَ مِنَ الْهَدْيِ يَنْوِي بِهِ الْهَدْيَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعِينَهُ بِالْقَوْلِ، كَأَنْ يَقُولَ: هَذَا الْهَدْيُ سُقْتُهُ أُرِيدُ بِهِ أَدَاءَ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ عَلَيَّ.
وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: هِيَ أَنْ يَسُوقَهُ يَنْوِي بِهِ الْهَدْيَ الْمَذْكُورَ مَعَ تَعْيِينِهِ بِالْقَوْلِ، فَإِنْ نَوَاهُ، وَلَمْ يُعَيِّنْهُ بِالْقَوْلِ ; فَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ لَا يَزَالُ فِي ضَمَانِهِ وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ إِلَّا بِذَبْحِهِ وَدَفْعِهِ إِلَى مُسْتَحِقِّيهِ، وَلِذَا إِنْ عَطِبَ فِي الطَّرِيقِ فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا شَاءَ مِنْ أَكْلٍ وَبَيْعٍ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ فِي مِلْكِهِ، وَهُوَ مُطَالَبٌ بِأَدَاءِ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِي عَطِبَ ; لِأَنَّهُ عَطِبَ فِي ضَمَانِهِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَحَمَلَهُ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ بِقَصْدِ دَفْعِهِ إِلَيْهِ، فَتَلِفَ قَبْلَ أَنْ يُوصِلَهُ إِلَيْهِ: فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الدِّينِ بِغَيْرِ التَّالِفِ ; لِأَنَّهُ تَلِفَ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ تَعَيَّبَ الْهَدْيُ الْمَذْكُورُ قَبْلَ بُلُوغِهِ مَحِلَّهُ، فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ سَلِيمًا وَيَفْعَلُ بِالَّذِي تَعَيَّبَ مَا شَاءَ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ فِي مِلْكِهِ، وَضَمَانِهِ. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ لَهُ التَّصَرُّفَ فِيهِ، وَلَوْ لَمْ يَعْطَبْ، وَلَمْ يَتَعَيَّبْ ; لِأَنَّ مُجَرَّدَ نِيَّةِ إِهْدَائِهِ عَنِ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ لَا يَنْقُلُ مِلْكَهُ عَنْهُ، وَالْهَدْيُ الْمَذْكُورُ لَازِمٌ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ، حَتَّى يُوصِلَهُ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ نَمَاءَهُ.
وَأَمَّا الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: وَهِيَ مَا إِذَا نَوَاهُ وَعَيَّنَهُ بِالْقَوْلِ كَأَنْ يَقُولَ: هَذَا هُوَ الْهَدْيُ

نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 5  صفحه : 179
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست