responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 5  صفحه : 150
حَجَّتِهِ. انْتَهَى مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَقَدْ تَرَكْنَا ذِكْرَ اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ، هَلْ ذَبَحَ عَنْ جَمِيعِهِنَّ بَقَرَةً وَاحِدَةً، أَوْ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ بَقَرَةً، كَمَا جَاءَ بِهِ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ، هَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى عَائِشَةَ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ الصَّحِيحَةُ، وَأَمْثَالُهَا الْكَثِيرَةُ الَّتِي قَدَّمْنَا كَثِيرًا مِنْهَا: تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحَرَ عَمَّنْ تَمَتَّعَ مِنْ أَزْوَاجِهِ، وَمَنْ قَرَنَ فِي خُصُوصِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَأَنَّهُ هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَلِكَ فَعَلَ عَنْ نَفْسِهِ، وَكَانَ قَارِنًا مَعَ أَنَّهُ كَانَ يَتَمَنَّى أَنْ يَعْتَمِرَ، وَيَحِلَّ مِنْهَا، ثُمَّ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ، كَمَا أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِفِعْلِ ذَلِكَ، وَصَرَّحَ فِي الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ: بِأَنَّ الْمَانِعَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ سَوْقُ الْهَدْيِ، فَلَوْ كَانَ الْهَدْيُ يَجُوزُ نَحْرُهُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ لِتَحَلَّلَ وَنَحَرَ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ، وَفِعْلُهُ هَذَا كَالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، فَبَيَّنَ بِفِعْلِهِ أَنَّ بُلُوغَهُ مَحَلَّهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى، بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَمَنْ أَجَازَ ذَبْحَ هَدْيِ التَّمَتُّعِ قَبْلَ ذَلِكَ، فَقَدْ خَالَفَ فِعْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُبَيِّنَ لِإِجْمَالِ الْقُرْآنِ، وَخَالَفَ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ مِنْ بَعْدِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ عَمَلُ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَثْبُتُ بِنَصٍّ صَحِيحٍ عَنْ صَحَابِيٍّ وَاحِدٍ أَنَّهُ نَحَرَ هَدْيَ تَمَتُّعٍ أَوْ قِرَانٍ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، فَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْ هَذَا الَّذِي فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُبَيِّنًا بِهِ إِجْمَالَ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ، وَأَكَّدَهُ بِقَوْلِهِ: " لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ "، كَمَا تَرَى.

فَإِذَا عَرَفْتَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ الْحَقَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَفِعْلُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ كَافَّةِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ: هُوَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَحْرُ هَدْيِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ. فَدُونَكَ الْأَجْوِبَةَ الَّتِي أُجِيبَ بِهَا عَنْ أَدِلَّةِ الْمُخَالِفِينَ الْقَائِلِينَ بِجَوَازِ ذَبْحِهِ عِنْدَ إِحْرَامِ الْحَجِّ، أَوْ عِنْدَ الْإِحْلَالِ مِنَ الْعُمْرَةِ.
أَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِأَنَّ هَدْيَ التَّمَتُّعِ لَهُ سَبَبَانِ، فَجَازِ بِأَحَدِهِمَا قِيَاسًا عَلَى الزَّكَاةِ، بَعْدَ مِلْكِ النِّصَابِ، وَقَبْلَ حُلُولِ الْحَوْلِ، فَهُوَ مَرْدُودٌ بِكَوْنِهِ فَاسِدَ الِاعْتِبَارِ، وَفَسَادُ الِاعْتِبَارِ مِنَ الْقَوَادِحِ الْمُجْمَعِ عَلَى الْقَدْحِ بِهَا، وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقِيَاسِ أَنْ يَكُونَ الْقِيَاسُ مُخَالِفًا لِنَصٍّ مِنْ كِتَابٍ، أَوْ سُنَّةٍ، أَوْ إِجْمَاعٍ، وَهَذَا الْقِيَاسُ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّتِي هِيَ النَّحْرُ يَوْمَ النَّحْرِ، كَمَا قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ، وَعُرِفَ فِي «مَرَاقِي السُّعُودِ» فَسَادُ الِاعْتِبَارِ بِقَوْلِهِ فِي مَبْحَثِ الْقَوَادِحِ:
وَالْخُلْفُ لِلنَّصِّ أَوِ اجْمَاعٍ دَعَا ... فَسَادَ الِاعْتِبَارِ كُلُّ مَنْ وَعَى
وَاسْتِدْلَالُهُمْ بِأَنَّ شُرُوطَ التَّمَتُّعِ وُجِدَتْ عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ، فَوُجِدَ التَّمَتُّعُ بِوُجُودِ شُرُوطِهِ، وَذَبْحُ الْهَدْيِ مُعَلَّقٌ عَلَى وُجُودِ التَّمَتُّعِ فِي الْآيَةِ، وَإِذَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، حَصَلَ الْمُعَلَّقُ، مَرْدُودٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 5  صفحه : 150
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست