responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 5  صفحه : 143
هَذَا هُوَ حَاصِلُ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِجَوَازِ ذَبْحِ هَدْيِ التَّمَتُّعِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، وَغَيْرُهُ مِمَّا زَعَمُوهُ أَدِلَّةً تَرَكْنَاهُ لِوُضُوحِ سُقُوطِهِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي سُقُوطِهِ إِلَى دَلِيلٍ.
وَأَمَّا الْجُمْهُورُ الْقَائِلُونَ: بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَبْحُ دَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ فَاسْتَدَلُّوا بِأَدِلَّةٍ وَاضِحَةٍ، وَأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ صَحِيحَةٍ صَرِيحَةٍ، فِي أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ نَحْرِ الْهَدْيِ: هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ، وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَارِنًا كَمَا قَدَّمْنَا، مَا يَدُلُّ عَلَى الْجَزْمِ بِذَلِكَ، سَوَاءٌ قُلْنَا: إِذَا بَدَأَ إِحْرَامَهُ قَارِنًا، أَوْ أَدْخَلَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ، وَأَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَكَانَتْ أَزْوَاجُهُ كُلُّهُنَّ مُتَمَتِّعَاتٍ كَمَا هُوَ ثَابِتٌ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، إِلَّا عَائِشَةَ فَإِنَّهَا كَانَتْ قَارِنَةً عَلَى التَّحْقِيقِ كَمَا قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ بِالْأَدِلَّةِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ، وَلَمْ يَنْحَرْ عَنْ نَفْسِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَزْوَاجِهِ، إِلَّا يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْمُتَمَتِّعِينَ، وَهُمْ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ وَالْقَارِنِينَ الَّذِينَ سَاقُوا الْهَدْيَ، لَمْ يَنْحَرْ أَحَدٌ مِنْهُمُ أَلْبَتَّةَ، قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى عَمَلُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَالْمُهَاجِرِينَ، وَالْأَنْصَارِ، وَعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَا مِنَ الْخُلَفَاءِ: أَنَّهُ نَحَرَ هَدْيَ تَمَتُّعِهِ، أَوْ قِرَانِهِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ أَلْبَتَّةَ.

فَإِنْ قِيلَ: فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَتَعَيَّنُ بِهِ الْوُجُوبُ ; لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ سُنَّةً لَا فَرْضًا ; لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يَقَعُ فِي الْخَارِجِ إِلَّا شَخْصِيًّا، فَلَا عُمُومَ لَهُ، وَلِذَلِكَ كَانَتْ أَفْعَالُ هَيْئَاتِ صَلَاةِ الْخَوْفِ كُلُّهَا جَائِزَةً، وَلَمْ يَنْسَخِ الْأَخِيرُ مِنْهَا الْأَوَّلَ، وَإِذًا فَلَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ ذَبَحَ يَوْمَ النَّحْرِ، مَعَ جَوَازِ الذَّبْحِ قَبْلَهُ.
فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ، الْأَوَّلُ: هُوَ مَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ، مِنْ أَنَّ فِعْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا كَانَ بَيَانًا لِنَصٍّ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْوُجُوبِ، إِنْ كَانَ الْفِعْلُ الْمُبَيِّنُ وَاجِبًا كَمَا أَطْبَقَ عَلَيْهِ الْأُصُولِيُّونَ. وَقَدْ قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ فَقَطْعُهُ السَّارِقَ مِنَ الْكُوعِ مُبَيِّنًا بِهِ الْمُرَادَ مِنَ الْيَدِ فِي قَوْلِهِ: فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [5 \ 38] ، يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِ الْقِطَعُ مِنْ غَيْرِ الْكُوعِ، وَأَفْعَالُهُ فِي جَمِيعِ مَنَاسِكَ الْحَجِّ مُبَيِّنَةٌ لِلْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى الْحَجِّ، وَمِنْ ذَلِكَ الذَّبَائِحُ، وَأَوْقَاتُهَا ; لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَنَاسِكِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْقُرْآنِ الْمُبَيَّنَةِ بِالسُّنَّةِ ; وَلِذَا ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ "، وَإِذَا يَجِبُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي فِعْلِهِ فِي نَوْعِهِ وَزَمَانِهِ، وَمَكَانِهِ مَا لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ قَوْلٌ مِنْهُ أَعَمُّ مِنَ الْفِعْلِ كَبَيَانِهِ أَنَّ عَرَفَةَ كُلَّهَا مَوْقِفٌ، وَأَنَّ مُزْدَلِفَةَ كُلَّهَا مَوْقِفٌ، وَأَنَّ مِنًى كُلَّهَا مَنْحَرٌ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِنَفْسِ مَحَلِّ مَوْقِفِهِ أَوْ نَحْرِهِ.
قَالَ صَاحِبُ " جَمْعِ الْجَوَامِعِ "، عَاطِفًا عَلَى مَا تُعْرَفُ بِهِ جِهَةُ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ وُجُوبٍ أَوْ

نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 5  صفحه : 143
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست