responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 3  صفحه : 75
مِنْ مُحَقِّقِي الْعُلَمَاءِ وَالْحُفَّاظِ وَالنُّقَّادِ. انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ وَاضِحٌ جِدًّا فِيمَا ذَكَرْنَا.
الْأَمْرُ الثَّانِي: أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَاجِبٌ مَتَى مَا أَمْكَنَ بِلَا خِلَافٍ ; لِأَنَّ إِعْمَالَ الدَّلِيلَيْنِ أَوْلَى مِنْ إِلْغَاءِ أَحَدِهِمَا، وَلَا وَجْهَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ إِلَّا هَذَا الْقَوْلُ بِالْعُذْرِ وَالِامْتِحَانِ، فَمَنْ دَخَلَ النَّارَ فَهُوَ الَّذِي لَمْ يَمْتَثِلْ مَا أَمَرَ بِهِ عِنْدَ ذَلِكَ الِامْتِحَانِ، وَيَتَّفِقُ بِذَلِكَ جَمِيعُ الْأَدِلَّةِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ الْآخِرَةَ دَارُ جَزَاءٍ لَا دَارُ عَمَلٍ لَا يَصِحُّ أَنْ تَرِدَ بِهِ النُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ الثَّابِتَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي كِتَابِنَا (دَفَعِ إِيهَامِ الِاضْطِرَابِ عَنْ آيَاتِ الْكِتَابِ) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا، فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا [17 \ 16] ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ عُلَمَاءِ التَّفْسِيرِ:
الْأَوَّلُ: وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي يَشْهَدُ لَهُ الْقُرْآنُ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْأَمْرَ فِي قَوْلِهِ: أَمَرْنَا هُوَ الْأَمْرُ الَّذِي هُوَ ضِدُّ النَّهْيِ، وَأَنَّ مُتَعَلِّقَ الْأَمْرِ مَحْذُوفٌ لِظُهُورِهِ، وَالْمَعْنَى: أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا بِطَاعَةِ اللَّهِ وَتَوْحِيدِهِ، وَتَصْدِيقِ رُسُلِهِ وَاتِّبَاعِهِمْ فِيمَا جَاءُوا بِهِ: فَفَسَقُوا، أَيْ: خَرَجُوا عَنْ طَاعَةِ أَمْرِ رَبِّهِمْ، وَعَصَوْهُ وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ، أَيْ وَجَبَ عَلَيْهَا الْوَعِيدُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا، أَيْ أَهْلَكْنَاهَا إِهْلَاكًا مُسْتَأْصِلًا، وَأَكَّدَ فِعْلَ التَّدْمِيرِ بِمَصْدَرِهِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي شِدَّةِ الْهَلَاكِ الْوَاقِعِ بِهِمْ.
وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي هُوَ الْحَقُّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ تَشْهَدُ لَهُ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ ; كَقَوْلِهِ: وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ الْآيَةَ [7 \ 28] . فَتَصْرِيحُهُ جَلَّ وَعَلَا بِأَنَّهُ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا [17 \ 16] ، أَيْ: أَمَرْنَاهُمْ بِالطَّاعَةِ فَعَصَوْا، وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَمَرْنَاهُمْ بِالْفِسْقِ فَفَسَقُوا ; لِأَنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ.
وَمِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ [34 \ 34، 35] .
فَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ الْآيَةَ

نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 3  صفحه : 75
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست