responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 3  صفحه : 492
قَوْلَهُ: إِنَّهُ يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَالًا وَوَلَدًا، بِالدَّلِيلِ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ الْجَدَلِيِّينَ بِالتَّقْسِيمِ وَالتَّرْدِيدِ، وَعِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ بِالسَّبْرِ وَالتَّقْسِيمِ، وَعِنْدَ الْمَنْطِقِيِّينَ بِالشَّرْطِيِّ الْمُنْفَصِلِ.
وَضَابِطُ هَذَا الدَّلِيلِ الْعَظِيمِ أَنَّهُ مُتَرَكِّبٌ مِنْ أَصْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا حَصْرُ أَوْصَافِ الْمَحِلِّ بِطَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الْحَصْرِ، وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالتَّقْسِيمِ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ وَالْجَدَلِيِّينَ، وَبِالشَّرْطِيِّ الْمُنْفَصِلِ عِنْدَ الْمَنْطِقِيِّينَ.
وَالثَّانِي: هُوَ اخْتِيَارُ تِلْكَ الْأَوْصَافِ الْمَحْصُورَةِ، وَإِبْطَالُ مَا هُوَ بَاطِلٌ مِنْهَا وَإِبْقَاءُ مَا هُوَ صَحِيحٌ مِنْهَا كَمَا سَتَرَى إِيضَاحَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ «بِالسَّبْرِ» ، وَعِنْدَ الْجَدَلِيِّينَ «بِالتَّرْدِيدِ» ، وَعِنْدَ الْمَنْطِقِيِّينَ، بِالِاسْتِثْنَاءِ فِي الشَّرْطِيِّ الْمُنْفَصِلِ، وَالتَّقْسِيمُ الصَّحِيحُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ يَحْصُرُ أَوْصَافَ الْمَحِلِّ فِي ثَلَاثَةٍ، وَالسَّبْرُ الصَّحِيحُ يُبْطِلُ اثْنَيْنِ مِنْهَا وَيُصَحِّحُ الثَّالِثَ، وَبِذَلِكَ يَتِمُّ إِلْقَامُ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ الْحَجَرَ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَالًا وَوَلَدًا.
أَمَّا وَجْهُ حَصْرِ أَوْصَافِ الْمَحِلِّ فِي ثَلَاثَةٍ فَهُوَ أَنَّا نَقُولُ: قَوْلُكَ أَنَّكَ تُؤْتَى مَالًا وَوَلَدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَخْلُو مُسْتَنَدُكَ فِيهِ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ:
الْأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ اطَّلَعْتَ عَلَى الْغَيْبِ، وَعَلِمْتَ أَنَّ إِيتَاءَكَ الْمَالَ وَالْوَلَدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِمَّا كَتَبَهُ اللَّهُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ أُعْطَاكَ عَهْدًا بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ إِنْ أَعْطَاكَ عَهْدًا لَنْ يُخْلِفَهُ.
الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ قُلْتَ ذَلِكَ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ مِنْ غَيْرِ عَهْدٍ وَلَا اطِّلَاعِ غَيْبٍ.
وَقَدْ ذَكَرَ تَعَالَى الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلِينَ فِي قَوْلِهِ: أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا [19 \ 78] ، مُبْطِلًا لَهُمَا بِأَدَاةِ الْإِنْكَارِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ كِلَا هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ بَاطِلٌ ; لِأَنَّ الْعَاصَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَطَّلِعِ الْغَيْبَ، وَلَمْ يَتَّخِذْ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا، فَتَعَيَّنَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ، وَقَدْ أَشَارَ تَعَالَى إِلَى هَذَا الْقِسْمِ الَّذِي هُوَ الْوَاقِعُ بِحَرْفِ الزَّجْرِ وَالرَّدْعِ وَهُوَ قَوْلُهُ: كَلَّا، أَيْ: لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، لَمْ يَطَّلِعِ الْغَيْبَ، وَلَمْ يَتَّخِذْ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا، بَلْ قَالَ ذَلِكَ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَاصِلًا لَمْ يَسْتَوْجِبِ الرَّدْعَ عَنْ مَقَالَتِهِ كَمَا تَرَى، وَهَذَا الدَّلِيلُ الَّذِي أَبْطَلَ بِهِ دَعْوَى ابْنِ وَائِلٍ هَذِهِ هُوَ الَّذِي أَبْطَلَ بِهِ بِعَيْنِهِ دَعْوَى الْيَهُودِ أَنَّهُمْ لَنْ تَمَسَّهُمُ النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً فِي سُورَةِ «الْبَقَرَةِ» ، وَصَرَّحَ فِي ذَلِكَ بِالْقِسْمِ الَّذِي هُوَ الْحَقُّ، وَهُوَ أَنَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ كَذِبًا مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ.

نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 3  صفحه : 492
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست