responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 3  صفحه : 341
وَالْحَمَأُ: الطِّينُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ تُبَّعٍ الْحِمْيَرِيِّ فِيمَا يُؤْثَرُ عَنْهُ يَمْدَحُ ذَا الْقَرْنَيْنِ:
بَلَغَ الْمَشَارِقَ وَالْمَغَارِبَ يَبْتَغِي ... أَسْبَابَ أَمْرٍ مِنْ حَكِيمٍ مُرْشِدٍ
فَرَأَى مَغِيبَ الشَّمْسِ عِنْدَ غُرُوبِهَا ... فِي عَيْنِ ذِي خَلَبٍ وَثَأْطٍ حَرْمَدِ
وَالْخَلَبُ - فِي لُغَةِ حِمْيَرَ -: الطِّينُ، وَالثَّأْطُ: الْحَمْأَةُ، وَالْحَرْمَدُ: الْأَسْوَدُ، وَعَلَى قِرَاءَةِ «حَامِيَةٍ» بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ، فَالْمَعْنَى: أَنَّهَا حَارَّةٌ، وَذَلِكَ لِمُجَاوَرَتِهَا وَهَجَ الشَّمْسِ عِنْدَ غُرُوبِهَا، وَمُلَاقَاتِهَا الشُّعَاعَ بِلَا حَائِلٍ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ وَكِلْتَاهُمَا حَقٌّ، قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَفْسِيرِهِ: وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ [18 \ 86] ، أَيْ: رَأَى الشَّمْسَ فِي مَنْظَرِهِ تَغْرُبُ فِي الْبَحْرِ الْمُحِيطِ، وَهَذَا شَأْنُ كُلِّ مَنِ انْتَهَى إِلَى سَاحِلِهِ يَرَاهَا كَأَنَّهَا تَغْرُبُ فِيهِ إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَيْنِ فِي الْآيَةِ الْبَحْرُ الْمُحِيطُ، وَهُوَ ذُو طِينٍ أَسْوَدَ، وَالْعَيْنُ تُطْلَقُ فِي اللُّغَةِ عَلَى يَنْبُوعِ الْمَاءِ، وَالْيَنْبُوعُ: الْمَاءُ الْكَثِيرُ، فَاسْمُ الْعَيْنِ يَصْدُقُ عَلَى الْبَحْرِ لُغَةً، وَكَوْنُ مَنْ عَلَى شَاطِئِ الْمُحِيطِ الْغَرْبِيِّ يَرَى الشَّمْسَ فِي نَظَرِ عَيْنِهِ تَسْقُطُ فِي الْبَحْرِ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ، وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ فَلَا إِشْكَالَ فِي الْآيَةِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

قَوْلُهُ تَعَالَى: قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا
اعْلَمْ أَوَّلًا أَنَّا قَدْ قَدَّمْنَا فِي تَرْجَمَةِ هَذَا الْكِتَابِ الْمُبَارَكِ: أَنَّهُ إِنْ كَانَ لِبَعْضِ الْآيَاتِ بَيَانٌ مِنَ الْقُرْآنِ لَا يَفِي بِإِيضَاحِ الْمَقْصُودِ وَقَدْ بَيَّنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّا نُتَمِّمُ بَيَانَهُ بِذِكْرِ السُّنَّةِ الْمُبَيِّنَةِ لَهُ، وَقَدْ قَدَّمَنَا أَمْثِلَةً مُتَعَدِّدَةً لِذَلِكَ، فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ لَهُمَا بَيَانٌ مِنْ كِتَابٍ أَوْضَحَتْهُ السُّنَّةُ، فَصَارَ بِضَمِيمَةِ السُّنَّةِ إِلَى الْقُرْآنِ بَيَانًا وَافِيًا بِالْمَقْصُودِ، وَاللَّهُ جَلَّ وَعَلَا قَالَ فِي كِتَابِهِ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [16 \ 44] ، فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ، وَآيَةَ الْأَنْبِيَاءِ قَدْ دَلَّتَا فِي الْجُمْلَةِ عَلَى أَنَّ السَّدَّ الَّذِي بَنَاهُ ذُو الْقَرْنَيْنِ دُونَ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ إِنَّمَا يَجْعَلُهُ اللَّهُ دَكًّا عِنْدَ مَجِيءِ الْوَقْتِ الْمَوْعُودِ بِذَلِكَ فِيهِ، وَقَدْ دَلَّتَا عَلَى أَنَّهُ بِقُرْبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ; لِأَنَّهُ قَالَ هُنَا: فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ الْآيَةَ [18 \ 98 - 99] ، وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ فِي الْجُمْلَةِ الْمُقَدَّرَةِ

نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 3  صفحه : 341
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست