responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 3  صفحه : 312
وَهُوَ دَلِيلٌ أَيْضًا وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ سَبَبَ إِزَاغَةِ اللَّهِ قُلُوبَهُمْ هُوَ زَيْغُهُمُ السَّابِقُ، وَقَوْلُهُ: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ [63 \ 3] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا الْآيَةَ [2 \ 10] ، وَقَوْلُهُ: وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ [6 \ 110] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [83 \ 14] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الطَّبْعَ عَلَى الْقُلُوبِ وَمَنْعَهَا مِنْ فَهْمِ مَا يَنْفَعُ عِقَابٌ مِنَ اللَّهِ عَلَى الْكُفْرِ السَّابِقِ عَلَى ذَلِكَ.
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا هُوَ وَجْهُ رَدِّ شُبْهَةِ الْجَبْرِيَّةِ الَّتِي يَتَمَسَّكُونَ بِهَا فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَأَمْثَالِهَا فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَبِهَذَا الَّذِي قَرَّرْنَا يَحْصُلُ الْجَوَابُ أَيْضًا عَنْ سُؤَالٍ يَظْهَرُ لِطَالِبِ الْعِلْمِ فِيمَا قَرَّرْنَا: وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: قَدْ بَيَّنْتُمْ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ أَنَّ جَعْلَ الْأَكِنَّةِ عَلَى الْقُلُوبِ مِنْ نَتَائِجِ الْإِعْرَاضِ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ عِنْدَ التَّذْكِيرِ بِهَا، مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ يَدُلُّ عَكْسَ ذَلِكَ مِنْ أَنَّ الْإِعْرَاضَ الْمَذْكُورَ سَبَبُهُ هُوَ جَعْلُ الْأَكِنَّةِ عَلَى الْقُلُوبِ ; لِأَنَّ «إِنَّ» مِنْ حُرُوفِ التَّعْلِيلِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ فِي مَسْلَكِ الْإِيمَاءِ وَالتَّنْبِيهِ، كَقَوْلِكَ: اقْطَعْهُ إِنَّهُ سَارِقٌ، وَعَاقِبْهُ إِنَّهُ ظَالِمٌ، فَالْمَعْنَى: اقْطَعْهُ لِعِلَّةِ سَرِقَتِهِ، وَعَاقِبْهُ لِعِلَّةِ ظُلْمِهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً [18 \ 57] ، أَيْ: أَعْرَضَ عَنْهَا لِعِلَّةِ جَعْلِ الْأَكِنَّةِ عَلَى قُلُوبِهِمْ ; لِأَنَّ الْآيَاتِ الْمَاضِيَةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الطَّبْعَ الَّذِي يُعَبَّرُ عَنْهُ تَارَةً بِالطَّبْعِ، وَتَارَةً بِالْخَتْمِ، وَتَارَةً بِالْأَكِنَّةِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ سَبَبُهُ الْأَوَّلُ الْإِعْرَاضُ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْكُفْرُ بِهَا كَمَا تَقَدَّمَ إِيضَاحُهُ.
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ سُؤَالَانِ مَعْرُوفَانِ، الْأَوَّلُ: أَنْ يُقَالَ: مَا مُفَسِّرُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ: أَنْ يَفْقَهُوهُ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ الْآيَاتُ فِي قَوْلِهِ: ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ [18 \ 57] ، بِتَضْمِينِ الْآيَاتِ مَعْنَى الْقُرْآنِ، فَقَوْلُهُ: أَنْ يَفْقَهُوهُ، أَيِ: الْقُرْآنُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْآيَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ إِيضَاحُهُ قَرِيبًا.
السُّؤَالُ الثَّانِي أَنْ يُقَالَ: مَا وَجْهُ إِفْرَادِ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ: ذُكِّرَ، وَقَوْلِهِ: أَعْرَضَ عَنْهَا، وَقَوْلِهِ: وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ، مَعَ الْإِتْيَانِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ فِي الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ: إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا، مَعَ أَنَّ مُفَسِّرَ جَمِيعِ الضَّمَائِرِ الْمَذْكُورَةِ وَاحِدٌ، وَهُوَ الِاسْمُ الْمَوْصُولُ فِي قَوْلِهِ: مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ الْآيَةَ.

نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 3  صفحه : 312
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست