responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 3  صفحه : 215
ذَكَرَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ: أَنَّ هَؤُلَاءِ الْفِتْيَةَ الَّذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ فَزَادَهُمْ رَبُّهُمْ هُدًى، قَالُوا: إِنَّ رَبَّهُمْ هُوَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَأَنَّهُمْ لَنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِهِ إِلَهًا، وَأَنَّهُمْ لَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ قَالُوا شَطَطًا، أَيْ قَوْلًا ذَا شَطَطٍ، أَوْ هُوَ مِنَ النَّعْتِ بِالْمَصْدَرِ لِلْمُبَالَغَةِ ; كَأَنَّ قَوْلَهُمْ هُوَ نَفْسُ الشَّطَطِ، وَالشَّطَطُ: الْبُعْدُ عَنِ الْحَقِّ وَالصَّوَابِ. وَإِلَيْهِ تَرْجِعُ أَقْوَالُ الْمُفَسِّرِينَ ; كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ «شَطَطًا» : جَوْرًا، تَعَدِّيًا، كَذِبًا، خَطَأً، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَقْوَالِ.
وَأَصْلُ مَادَّةِ الشَّطَطِ: مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ، وَمِنْهُ أَشَطَّ فِي السَّوْمِ: إِذَا جَاوَزَ الْحَدَّ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَا تُشْطِطْ الْآيَةَ [38 \ 22] ، أَوِ الْبُعْدُ، وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ:
تَشِطُّ غَدًا دَارُ جِيرَانِنَا ... وَلَلدَّارُ بَعْدَ غَدٍ أَبْعَدُ
وَيَكْثُرُ اسْتِعْمَالُ الشَّطَطِ فِي الْجَوْرِ وَالتَّعَدِّي، وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى:
أَتَنْتَهُونَ وَإِنْ يَنْهَى ذَوِي الشَّطَطِ ... كَالطَّعْنِ يَذْهَبُ فِيهِ الزَّيْتُ وَالْفُتُلُ
وَهَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ دَلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى أَنَّ مَنْ أَشْرَكَ مَعَ خَالِقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مَعْبُودًا آخَرَ، فَقَدْ جَاءَ بِأَمْرٍ شَطَطٍ بَعِيدٍ عَنِ الْحَقِّ وَالصَّوَابِ فِي غَايَةِ الْجَوْرِ وَالتَّعَدِّي ; لِأَنَّ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ هُوَ الَّذِي يُبْرِزُ الْخَلَائِقَ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ ; لِأَنَّ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى خَلْقِ غَيْرِهِ مَخْلُوقٌ يَحْتَاجُ إِلَى خَالِقٍ يَخْلُقُهُ وَيَرْزُقُهُ وَيُدَبِّرُ شُئُونَهُ.
وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ جَاءَ مُبَيَّنًا فِي آيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةٍ، كَقَوْلِهِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [2 \ 21 - 22] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ [16 \ 17] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ [13 \ 16] ، أَيِ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ الَّذِي هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ وَحْدَهُ جَلَّ وَعَلَا، وَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ [7 \ 191] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ الْآيَةَ [25 \ 3] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
وَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا، أَيْ إِذَا دَعَوْنَا مِنْ

نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 3  صفحه : 215
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست