responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 3  صفحه : 174
تَنْبِيهٌ
لَا يَخْفَى عَلَى النَّاظِرِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ اللَّهَ ذَمَّ الْكُفَّارَ وَعَاتَبَهُمْ بِأَنَّهُمْ فِي وَقْتِ الشَّدَائِدِ وَالْأَهْوَالِ خَاصَّةً يُخْلِصُونَ الْعِبَادَةَ لَهُ وَحْدَهُ، وَلَا يَصْرِفُونَ شَيْئًا مِنْ حَقِّهِ لِمَخْلُوقٍ، وَفِي وَقْتِ الْأَمْنِ وَالْعَافِيَةِ يُشْرِكُونَ بِهِ غَيْرَهُ فِي حُقُوقِهِ الْوَاجِبَةِ لَهُ وَحْدَهُ، الَّتِي هِيَ عِبَادَتُهُ وَحْدَهُ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ، وَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ جَهَلَةِ الْمُتَسَمِّينَ بِاسْمِ الْإِسْلَامِ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ، فَإِنَّهُمْ إِذَا دَهَمَتْهُمُ الشَّدَائِدُ، وَغَشِيَتْهُمُ الْأَهْوَالُ وَالْكُرُوبُ الْتَجَئُوا إِلَى غَيْرِ اللَّهِ مِمَّنْ يَعْتَقِدُونَ فِيهِ الصَّلَاحَ، فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُخْلِصُ فِيهِ الْكُفَّارُ الْعِبَادَةَ لِلَّهِ، مَعَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا أَوْضَحَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّ إِجَابَةَ الْمُضْطَرِّ وَإِنْجَاءَهُ مِنَ الْكَرْبِ مِنْ حُقُوقِهِ الَّتِي لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ.
وَمِنْ أَوْضَحِ الْأَدِلَّةِ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى «فِي سُورَةِ النَّمْلِ» : آللَّهُ خَيْرٌ أَمْ مَا أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ الْآيَاتِ [37 \ 27] 59 - 62، فَتَرَاهُ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الْكَرِيمَاتِ جَعَلَ إِجَابَةَ الْمُضْطَرِّ إِذَا دَعَا وَكَشْفَ السُّوءِ عَنْهُ مِنْ حَقِّهِ الْخَالِصِ الَّذِي لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ أَحَدٌ ; كَخَلْقِهِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَإِنْزَالِهِ الْمَاءَ مِنَ السَّمَاءِ، وَإِنْبَاتِهِ بِهِ الشَّجَرَ، وَجَعْلِهِ الْأَرْضَ قَرَارًا، وَجَعْلِهِ خِلَالَهَا أَنْهَارًا، وَجَعْلِهِ لَهَا رَوَاسِيَ، وَجَعْلِهِ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا، إِلَى آخَرِ مَا ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ مِنْ غَرَائِبِ صُنْعِهِ وَعَجَائِبِهِ الَّتِي لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ ; سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا.
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الْكَرِيمَاتِ: كَانَ سَبَبَ إِسْلَامِ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ ; فَإِنَّهُ لِمَا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ ذَهَبَ فَارًّا مِنْهُ إِلَى بِلَادِ الْحَبَشَةِ، فَرَكِبَ فِي الْبَحْرِ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْحَبَشَةِ، فَجَاءَتْهُمْ رِيحٌ عَاصِفٌ فَقَالَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْكُمْ إِلَّا أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ وَحْدَهُ، فَقَالَ عِكْرِمَةُ فِي نَفْسِهِ: وَاللَّهِ إِنْ كَانَ لَا يَنْفَعُ فِي الْبَحْرِ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُ فِي الْبَرِّ غَيْرُهُ، اللَّهُمَّ لَكَ عَلَيَّ عَهْدٌ، لَئِنْ أَخْرَجْتَنِي مِنْهُ لَأَذْهَبَنَّ فَلَأَضَعَنَّ يَدِيَ فِي يَدِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَأَجِدَنَّهُ رَءُوفًا رَحِيمًا. فَخَرَجُوا مِنَ الْبَحْرِ، فَخَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. اهـ.

نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 3  صفحه : 174
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست