responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 2  صفحه : 417
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ، ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ الْكُفَّارَ يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ بِإِنْزَالِ الْمَطَرِ، وَلَا مِنَ الْأَرْضِ بِإِنْبَاتِ النَّبَاتِ. وَأَكَّدَ عَجْزَ مَعْبُودَاتِهِمْ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ، أَيْ: لَا يَمْلِكُونَ أَنْ يَرْزُقُوا، وَالِاسْتِطَاعَةُ مَنْفِيَّةٌ عَنْهُمْ أَصْلًا ; لِأَنَّهُمْ جَمَادٌ لَيْسَ فِيهِ قَابِلِيَّةُ اسْتِطَاعَةِ شَيْءٍ.
وَيُفْهَمُ مِنَ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُعْبَدَ إِلَّا مَنْ يَرْزُقُ الْخَلْقَ ; لِأَنَّ أَكْلَهُمْ رِزْقَهُ، وَعِبَادَتَهُمْ غَيْرَهُ كُفْرٌ ظَاهِرٌ لِكُلِّ عَاقِلٍ. وَهَذَا الْمَعْنَى الْمَفْهُومُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ بَيَّنَهُ - جَلَّ وَعَلَا - فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [29 \ 17] ، وَقَوْلِهِ: أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ [67 \ 21] ، وَقَوْلِهِ: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [51 \ 56 - 58] ، وَقَوْلِهِ: قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ وَقَوْلِهِ: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [20 \ 132] ، وَقَوْلِهِ: هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ الْآيَةَ [35 \ 3] ، وَقَوْلِهِ: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ الْآيَةَ [10 \ 31] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

تَنْبِيهٌ.
فِي قَوْلِهِ: شَيْئًا [16 \ 73] ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ثَلَاثَةُ أَوْجَهٍ مِنَ الْإِعْرَابِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ قَوْلَهُ: رِزْقًا، مَصْدَرٌ، وَأَنَّ:، شَيْئًا، مَفْعُولٌ بِهِ لِهَذَا الْمَصْدَرِ ; أَيْ: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ أَنْ يَرْزُقَهُمْ شَيْئًا مِنَ الرِّزْقِ. وَنَظِيرُ هَذَا الْإِعْرَابِ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا الْآيَةَ [90 \ 14 - 15] ، فَقَوْلُهُ: يَتِيمًا مَفْعُولٌ بِهِ لِلْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ إِطْعَامٌ، أَيْ: أَنْ يُطْعِمَ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ. وَنَظِيرُهُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَوْلُ الْمَرَّارِ بْنِ مُنْقِذٍ التَّمِيمِيِّ:
بِضَرْبٍ بِالسُّيُوفِ رُءُوسَ قَوْمٍ ... أَزَلْنَا هَامَهُنَّ عَنِ الْمَقِيلِ
فَقَوْلُهُ: «رُءُوسَ قَوْمٍ» مَفْعُولٌ بِهِ لِلْمَصْدَرِ الْمُنْكَرِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ «بِضَرْبٍ» ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ فِي الْخُلَاصَةِ بِقَوْلِهِ:

نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 2  صفحه : 417
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست