responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 2  صفحه : 405
وَهَذِهِ الْآيَةَ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الْخَمْرِ أَتَمَّ دَلَالَةٍ وَأَوْضَحَهَا ; لِأَنَّهُ تَعَالَى صَرَّحَ بِأَنَّهَا رِجْسٌ، وَأَنَّهَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ، وَأَمَرَ بِاجْتِنَابِهَا أَمْرًا جَازِمًا فِي قَوْلِهِ: فَاجْتَنِبُوهُ، وَاجْتِنَابُ الشَّيْءِ: هُوَ التَّبَاعُدُ عَنْهُ، بِأَنْ تَكُونَ فِي غَيْرِ الْجَانِبِ الَّذِي هُوَ فِيهِ. وَعَلَّقَ رَجَاءَ الْفَلَاحِ عَلَى اجْتِنَابِهَا فِي قَوْلِهِ: لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ مَنْ لَمْ يَجْتَنِبْهَا لَمْ يُفْلِحْ، وَهُوَ كَذَلِكَ.
ثُمَّ بَيَّنَ بَعْضَ مَفَاسِدِهَا بِقَوْلِهِ: إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ [15 \ 91] ، ثُمَّ أَكَّدَ النَّهْيَ عَنْهَا بِأَنْ أَوْرَدَهُ بِصِيغَةِ الِاسْتِفْهَامِ فِي قَوْلِهِ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [5 \ 91] ، فَهُوَ أَبْلَغُ فِي الزَّجْزِ مِنْ صِيغَةِ الْأَمْرِ الَّتِي هِيَ " انْتَهَوْا "، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي فَنِّ الْمَعَانِي: أَنَّ مِنْ مَعَانِي صِيغَةِ الِاسْتِفْهَامِ، الَّتِي تَرِدُ لَهَا، الْأَمْرَ ; كَقَوْلِهِ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ، وَقَوْلِهِ: وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ الْآيَةَ [3 \ 20] ، أَيْ: أَسْلِمُوا. وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ فِي قَوْلِهِ: وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ الْآيَةَ [16 \ 67] ، يَتَعَلَّقُ بِ تَتَّخِذُونَ، وَكَرَّرَ لَفْظَ " مِنْ " لِلتَّأْكِيدِ، وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ " مِنْهُ " مُرَاعَاةً لِلْمَذْكُورِ ; أَيْ: تَتَّخِذُونَ مِنْهُ، أَيْ: مِمَّا ذُكِرَ مِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ. وَنَظِيرُهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ:
فِيهَا خُطُوطٌ مِنْ سَوَادٍ وَبَلَقْ ... كَأَنَّهُ فِي الْجِلْدِ تَوْلِيعُ الْبَهَقْ
فَقَوْلُهُ: " كَأَنَّهُ "، أَيْ: مَا ذَكَرَ مِنْ خُطُوطِ السَّوَادِ وَالْبَلْقِ. وَقِيلَ: الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى مَحْذُوفٍ دَلَّ الْمَقَامُ عَلَيْهِ، أَيْ: وَمِنْ عَصِيرِ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ، أَيْ: عَصِيرِ الثَّمَرَاتِ الْمَذْكُورَةِ، وَقِيلَ: قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ، مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: مِمَّا فِي بُطُونِهِ [16 \ 66] ، أَيْ: نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ. وَقِيلَ: يَتَعَلَّقُ بِ: نُسْقِيكُمْ، [16 \ 66] مَحْذُوفَةٌ دَلَّتْ عَلَيْهَا الْأُولَى ; فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ. وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدَاتِ إِذَا اشْتَرَكَا فِي الْعَامِلِ. وَقِيلَ: مَعْطُوفٌ عَلَى " الْأَنْعَامِ " [16 \ 66] ، وَهُوَ أَضْعَفُهَا عِنْدِي.
وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: التَّقْدِيرُ: وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ مَا تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا ; فَحَذَفَ " مَا ".
قَالَ أَبُو حَيَّانَ الْبَحْرُ: وَهُوَ لَا يَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ. وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةَ مَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ ثَمَرٌ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ

نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 2  صفحه : 405
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست