responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 2  صفحه : 335
يَخْلُقُ مَا لَا يَعْلَمُ الْمُخَاطَبُونَ وَقْتَ نُزُولِهَا، وَأَبْهَمَ ذَلِكَ الَّذِي يَخْلُقُهُ ; لِتَعْبِيرِهِ عَنْهُ بِالْمَوْصُولِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ هُنَا بِشَيْءٍ مِنْهُ، وَلَكِنْ قَرِينَةُ ذِكْرِ ذَلِكَ فِي مَعْرِضِ الِامْتِنَانِ بِالْمَرْكُوبَاتِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْهُ مَا هُوَ مِنَ الْمَرْكُوبَاتِ، وَقَدْ شُوهِدَ ذَلِكَ فِي إِنْعَامِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ بِمَرْكُوبَاتٍ لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً وَقْتَ نُزُولِ الْآيَةِ: كَالطَّائِرَاتِ، وَالْقِطَارَاتِ، وَالسَّيَّارَاتِ.
وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ إِشَارَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ. قَالَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَاللَّهِ لَيَنْزِلَنَّ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَادِلًا فَلَيَكْسِرَنَّ الصَّلِيبَ، وَلَيَقْتُلَنَّ الْخِنْزِيرَ، وَلَيَضَعَنَّ الْجِزْيَةَ، وَلَتُتْرَكَنَّ الْقِلَاصُ فَلَا يُسْعَى عَلَيْهَا، وَلَتَذْهَبَنَّ الشَّحْنَاءُ وَالتَّبَاغُضُ وَالتَّحَاسُدُ، وَلَيَدْعُوَنَّ إِلَى الْمَالِ فَلَا يَقْبَلُهُ أَحَدٌ» . اهـ.
وَمَحَلُّ الشَّاهِدِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَلَتُتْرَكَنَّ الْقِلَاصُ فَلَا يُسْعَى عَلَيْهَا» ; فَإِنَّهُ قَسَمٌ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ سَتُتْرَكُ الْإِبِلُ فَلَا يُسْعَى عَلَيْهَا، وَهَذَا مُشَاهَدٌ الْآنَ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ رُكُوبِهَا بِالْمَرَاكِبِ الْمَذْكُورَةِ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَةٌ عُظْمَى، تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنْ كَانَتْ مُعْجِزَاتُهُ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ - أَكْثَرَ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ.
وَهَذِهِ الدَّلَالَةُ الَّتِي ذَكَرْنَا تُسَمَّى دَلَالَةَ الِاقْتَرَانِ، وَقَدْ ضَعَّفَهَا أَكْثَرُ أَهْلِ الْأُصُولِ، كَمَا أَشَارَ لَهُ صَاحِبُ مَرَاقِي السُّعُودِ بِقَوْلِهِ:
أَمَّا قِرَانُ اللَّفْظِ فِي الْمَشْهُورِ ... فَلَا يُسَاوِي فِي سِوَى الْمَذْكُورِ
وَصَحَّحَ الِاحْتِجَاجَ بِهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، وَمَقْصُودُنَا مِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا هُنَا أَنَّ ذِكْرَ: وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ [16 \ 8] فِي مَعْرِضِ الِامْتِنَانِ بِالْمَرْكُوبَاتِ لَا يَقِلُّ عَنْ قَرِينَةٍ دَالَّةٍ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ تُشِيرُ إِلَى أَنَّ مِنَ الْمُرَادِ بِهَا بَعْضَ الْمَرْكُوبَاتِ، كَمَا قَدْ ظَهَرَتْ صِحَّةُ ذَلِكَ بِالْعِيَانِ.
وَقَدْ ذُكِرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَنَّهُ يَخْلُقُ مَا لَا يَعْلَمُهُ خَلْقُهُ غَيْرَ مُقْتَرِنٍ بِالِامْتِنَانِ بِالْمَرْكُوبَاتِ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ [36 \ 36] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ، اعْلَمْ أَوَّلًا: «أَنَّ قَصْدَ السَّبِيلِ» [16 \ 9] : هُوَ الطَّرِيقُ الْمُسْتَقِيمُ الْقَاصِدُ، الَّذِي لَا اعْوِجَاجَ فِيهِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى الْمُزَنِيُّ:

نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 2  صفحه : 335
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست