responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 2  صفحه : 264
الْمَذْكُورِينَ فِي قَوْلِهِ: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ إِلَى قَوْلِهِ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ [84 \ 7 - 10] وَمَعْنَى الْآيَةِ لَتَرْكَبُنَّ أَيُّهَا النَّاسُ حَالًا بَعْدَ حَالٍ، فَتَنْتَقِلُونَ فِي دَارِ الدُّنْيَا مِنْ طَوْرٍ إِلَى طَوْرٍ، وَفِي الْآخِرَةِ مِنْ هَوْلٍ إِلَى هَوْلٍ، فَإِنْ قِيلَ يَجُوزُ بِحَسَبِ وَضْعِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ عَلَى قِرَاءَةِ ضَمِّ الْبَاءِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى لَتَرْكَبُنَّ أَيُّهَا النَّاسُ طَبَقًا بَعْدَ طَبَقٍ أَيْ سَمَاءً بَعْدَ سَمَاءٍ حَتَّى تَصْعَدُوا فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي قِرَاءَةِ فَتْحِ الْبَاءِ خِطَابًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِذَا كَانَ هَذَا جَائِزًا فِي لُغَةِ الْقُرْآنِ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ حَمْلِ الْآيَةِ عَلَيْهِ؟ فَالْجَوَابُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّبَقِ الْحَالُ الْمُنْتَقِلُ إِلَيْهَا مِنْ مَوْتٍ وَنَحْوِهِ وَهَوْلِ الْقِيَامَةِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ مُرَتِّبًا لَهُ عَلَيْهِ بِالْفَاءِ فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ [84 \ 20 - 21] فَهُوَ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إِذَا كَانُوا يَنْتَقِلُونَ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَمَنْ هَوْلٍ إِلَى هَوْلٍ، فَمَا الْمَانِعُ لَهُمْ مِنْ أَنْ يُؤْمِنُوا وَيَسْتَعِدُّوا لِتِلْكَ الشَّدَائِدِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي الدَّوَاهِيَ بَنَاتِ طَبَقٍ، كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي لُغَتِهِمْ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - هُمُ الْمُخَاطَبُونَ الْأَوَّلُونَ بِهَذَا الْخِطَابِ، وَهُمْ أَوْلَى النَّاسِ بِالدُّخُولِ فِيهِ بِحَسَبِ الْوَضْعِ الْعَرَبِيِّ، وَلَمْ يَرْكَبْ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَمَاءً بَعْدَ سَمَاءٍ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مَعْنَى الْآيَةِ وَلَوْ كَانَ هُوَ مَعْنَاهَا لَمَا خَرَجَ مِنْهُ الْمُخَاطَبُونَ الْأَوَّلُونَ بِلَا قَرِينَةٍ عَلَى ذَلِكَ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: هُوَ مَا قَدَّمْنَا مِنَ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ الْمُصَرِّحَةِ بِحِفْظِ السَّمَاءِ وَحِرَاسَتِهَا مَنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ كَائِنًا مَنْ كَانَ، فَبِهَذَا يَتَّضِحُ أَنَّ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ لَيْسَ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى صُعُودِ أَصْحَابِ الْأَقْمَارِ الصِّنَاعِيَّةِ فَوْقَ السَّبْعِ الطِّبَاقِ. وَالْوَاقِعُ الْمُسْتَقْبَلُ سَيَكْشِفُ حَقِيقَةَ تِلْكَ الْأَكَاذِيبِ وَالْمَزَاعِمِ الْبَاطِلَةِ، وَكَذَلِكَ مَا يَزْعُمُهُ بَعْضُ مَنْ لَيْسَ لَهُ عِلْمٌ بِمَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ - جَلَّ وَعَلَا - مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَشَارَ إِلَى بُلُوغِ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاوَاتِ بِقَوْلِهِ: وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ الْآيَةَ [45 \ 13] فَقَالُوا: تَسْخِيرُهُ - جَلَّ وَعَلَا - مَا فِي السَّمَاوَاتِ لِأَهْلِ الْأَرْضِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ سَيَبْلُغُونَ السَّمَاوَاتِ، وَالْآيَةُ الْكَرِيمَةُ لَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الَّذِي زَعَمُوا أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْقُرْآنَ بَيَّنَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ كَيْفِيَّةَ تَسْخِيرِ مَا فِي السَّمَاءِ لِأَهْلِ الْأَرْضِ، فَبَيَّنَ أَنَّ تَسْخِيرَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لِمَنَافِعِهِمْ، وَانْتِشَارَ الضَّوْءِ عَلَيْهِمْ، وَلِكَيْ يَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ الْآيَةَ [14 \ 33]

نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 2  صفحه : 264
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست