responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 2  صفحه : 207
وَأَمَّا إِقْرَارُ إِبْلِيسَ بِطَهَارَةِ يُوسُفَ وَنَزَاهَتِهِ فَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ [38 \ 82، 83] ، فَأَقَرَّ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إِغْوَاءُ الْمُخْلَصِينَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ يُوسُفَ مِنَ الْمُخْلَصِينَ، كَمَا صَرَّحَ تَعَالَى بِهِ فِي قَوْلِهِ: إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ، فَظَهَرَتْ دَلَالَةُ الْقُرْآنِ مِنْ جِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَلَى بَرَاءَتِهِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي.
وَقَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا نَصُّهُ: وَعِنْدَ هَذَا نَقُولُ: هَؤُلَاءِ الْجُهَّالُ الَّذِينَ نَسَبُوا إِلَى يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَذِهِ الْفَضِيحَةَ، إِنْ كَانُوا مِنْ أَتْبَاعِ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى فَلْيَقْبَلُوا شَهَادَةَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى طَهَارَتِهِ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَتْبَاعِ إِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ فَلْيَقْبَلُوا شَهَادَةَ إِبْلِيسَ عَلَى طَهَارَتِهِ، وَلَعَلَّهُمْ يَقُولُونَ: كُنَّا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ تَلَامِذَةَ إِبْلِيسَ، إِلَى أَنْ تَخَرَّجْنَا عَلَيْهِ فَزِدْنَا فِي السَّفَاهَةِ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ الْخَوَارِزْمِيُّ:
وَكُنْتُ امْرَأً مِنْ جُنْدِ إِبْلِيسَ فَارْتَقَى ... بِي الدَّهْرُ حَتَّى صَارَ إِبْلِيسُ مِنْ جُنْدِي
فَلَوْ مَاتَ قَبْلِي كُنْتُ أُحْسِنُ بَعْدَهُ ... طَرَائِقَ فِسْقٍ لَيْسَ يُحْسِنُهَا بَعْدِي
فَثَبَتَ بِهَذِهِ الدَّلَائِلِ: أَنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَرِيءٌ مِمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالُ. اهـ كَلَامُ الرَّازِيِّ.
وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ قِلَّةِ الْأَدَبِ مَعَ مَنْ قَالَ تِلْكَ الْمَقَالَةَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَعُلَمَاءِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَعُذْرُ الرَّازِيِّ فِي ذَلِكَ هُوَ اعْتِقَادُهُ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ.
وَسَتَرَى فِي آخِرِ هَذَا الْمَبْحَثِ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ بَيَّنْتُمْ دَلَالَةَ الْقُرْآنِ عَلَى بَرَاءَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِمَّا لَا يَنْبَغِي فِي الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَلَكِنْ مَاذَا تَقُولُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهَمَّ بِهَا؟ [12 \ 24]
فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّل: إِنَّ الْمُرَادَ بِهَمِّ يُوسُفَ بِهَا خَاطِرٌ قَلْبِيٌّ صَرَفَ عَنْهُ وَازِعَ التَّقْوَى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الْمَيْلُ الطَّبِيعِيُّ وَالشَّهْوَةُ الْغَرِيزِيَّةُ الْمَزْمُومَةُ بِالتَّقْوَى، وَهَذَا لَا مَعْصِيَةَ فِيهِ ; لِأَنَّهُ أَمْرٌ جِبِلِّيٌّ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّكْلِيفُ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ كَانَ يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ فَيَعْدِلُ ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ، فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا لَا أَمْلِكُ» ، يَعْنِي مَيْلَ الْقَلْبِ الطَّبِيعِيِّ.
وَمِثَالُ هَذَا مَيْلُ الصَّائِمِ بِطَبْعِهِ إِلَى الْمَاءِ الْبَارِدِ، مَعَ أَنَّ تَقْوَاهُ تَمْنَعُهُ مِنَ الشُّرْبِ وَهُوَ صَائِمٌ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ كَامِلَةٌ» ; لِأَنَّهُ تَرَكَ مَا تَمِيلُ

نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 2  صفحه : 207
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست