responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 1  صفحه : 479
وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا [18 \ 28] ، كَمَا أَمَرَهُ هُنَا بِالسَّلَامِ عَلَيْهِمْ، وَبِشَارَتِهِمْ بِرَحْمَةِ رَبِّهِمْ جَلَّ وَعَلَا فِي قَوْلِهِ:
وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ الْآيَةَ [6 \ 54] ، وَبَيَّنَ فِي آيَاتٍ أُخَرَ أَنَّ طَرْدَ ضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي طَلَبَهُ كُفَّارُ الْعَرَبِ مِنْ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَهَاهُ اللَّهُ عَنْهُ، طَلَبَهُ أَيْضًا قَوْمُ نُوحٍ مِنْ نُوحٍ، فَأَبَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى عَنْهُ: وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا الْآيَةَ [11 \ 29] ، وَقَوْلِهِ: وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ الْآيَةَ [11 \ 30] ، وَقَوْلِهِ: وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ [26 \ 114] ، وَهَذَا مِنْ تَشَابُهِ قُلُوبِ الْكُفَّارِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ الْآيَةَ [2 \ 118] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ، أَجْرَى اللَّهُ تَعَالَى الْحِكْمَةَ بِأَنَّ أَكْثَرَ أَتْبَاعِ الرُّسُلِ ضُعَفَاءُ النَّاسِ، وَلِذَلِكَ لَمَّا سَأَلَ هِرَقْلُ مِلْكُ الرُّومِ أَبَا سُفْيَانَ عَنْ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ، أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَقَالَ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ، قَالَ: هُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ» .
فَإِذَا عَرَفْتَ ذَلِكَ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى أَشَارَ إِلَى أَنَّ مِنْ حِكْمَةِ ذَلِكَ فِتْنَةَ بَعْضِ النَّاسِ بِبَعْضٍ، فَإِنَّ أَهْلَ الْمَكَانَةِ وَالشَّرَفِ وَالْجَاهِ يَقُولُونَ: لَوْ كَانَ فِي هَذَا الدِّينِ خَيْرٌ لَمَا سَبَقَنَا إِلَيْهِ هَؤُلَاءِ ; لِأَنَّا أَحَقُّ مِنْهُمْ بِكُلِّ خَيْرٍ كَمَا قَالَ هُنَا: وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا الْآيَةَ [6 \ 53] ، إِنْكَارًا مِنْهُمْ أَنْ يُمُنَّ اللَّهُ عَلَى هَؤُلَاءِ الضُّعَفَاءِ دُونَهُمْ، زَعْمًا مِنْهُمْ أَنَّهُمْ أَحَقُّ بِالْخَيْرِ مِنْهُمْ، وَقَدْ رَدَّ اللَّهُ قَوْلَهُمْ هُنَا بِقَوْلِهِ: أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ.
وَقَدْ أَوْضَحَ هَذَا الْمَعْنَى فِي آيَاتٍ أُخَرَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ الْآيَةَ [46 \ 11] ، وَقَوْلِهِ: وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا [19 \ 73] .
وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْا أَنْفُسَهُمْ أَحْسَنَ مَنَازِلَ وَمَتَاعًا مِنْ ضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ اعْتَقَدُوا أَنَّهُمْ أَوْلَى مِنْهُمْ بِكُلِّ خَيْرٍ، وَأَنَّ اتِّبَاعَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُوهُمْ إِلَيْهِ، وَرَدَّ اللَّهُ افْتِرَاءَهُمْ هَذَا بِقَوْلِهِ: وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا

نام کتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 1  صفحه : 479
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست