لما علم هولاكو اخلاصه ونصحه [1] .
ب- لما قضى التتار على الدولة الخوارزمية، وعلى الإسماعيلية اتجهوا إلى بغداد. وقد وقعت في سنة 655 هـ فتنة مهولة ببغداد بين أهل السنة والرافضة وقتل عدد من الفريقين، ونهب الكرخ- موطن الرافضة وذوي ابن العلقمى- فحنق ابن العلقمي [2] وزير المستعصم وكاتب التتار وأطمعهم في العراق، وعمل على تهيئة الأجواء فسرح جند الخلافة فلم يبق منهم إلا القليل، وحجب عن الخليفة الرسائل التي ترد إليه من صاحب الموصل وغيره، وبذلك تهيأت الأجواء لهؤلاء التتار، فجاءوا وأحاطوا ببغداد سنة 656 هـ فخرج إليهم ابن العلقمى واستوثق لنفسه من هولاكو، فرجع هو ونصير الدين الطوسى- وهما رؤوس الرافضة الخبثاء- إلى بغداد ليكملوا بقية دورهم في تخذيل الناس والخليفة بأساليب خادعة- حتى لا يبقى في وجه التتار مقاومة تذكر، يقول صاحب ذيل مرآة الزمان: " وقصد هولاكو بغداد من جهة البر الشرقي عن دجلة وهو البر الذي فيه مدينة بغداد ودور الخلافة، وضرب سورا على عسكره، وأحاط ببغداد، فحينئذ أشار ابن العلقمي الوزير على الخليفة بمصانعة ملك التتر ومصالحته، وسأله أن يخرج إليه في تقرير ذلك، فخرج وتوثق منه لنفسه ثم رجع إلى الخليفة وقال له: إنه قد رغب أن يزوج ابنته من ابنك الأمير أبي بكر، ويبقيك في منصب الخلافة كما أبقى سلطان الروم في سلطنة الروم، لا يؤثر إلا أن يكون الطاعة له، كما كان أجدادك [مع] السلاطين السلجوقية، وينصرف بعساكره عنك فتجيبه إلى هذا فإن فيه حقن دماء المسلمين، ويمكن بعد ذلك أن تفعل ما تريد، وحسن له الخروج إليه [1] جامع التواريخ (م 2 ج 1ص: 257) ، وانظر حول علاقته ووزارته لهولاكو الوافي (1/179) ، وفوات الوفيات (3/246) ، والبداية والنهاية (13/ 1 20) ، وذيل مرآة الزمان (1/85-86) ، وانظر مجمرع الفتاوى لابن تيمية (35/142) . [2] هو: محمد بن محمد بن علي العلقمي، كان وزيرا للمستعصم، وكان رافضيا خبيثا، وكان من نيته لما اتصل بالتتار أن يقيم دولة رافضية في بغداد، فلم يتحقق له ما أراد، بل لقى أشد الاهانة من التتار فهلك غما وهما وكمدا في نفس هذا العام 656 هـ. انظر الوافي (1/184) ، وشذرات الذهب (5/272) ، والبداية والنهاية (13/ 212) .