الفهم والعقل، والتخلف والتعقيد.
والتيار الثاني: تيار أهل البدع من أهل الاعتزال والكلام والتصوف، وهم امتداد واضح وقوي لمن سبقهم من هذه الطوائف! وغيرها، ويقومون بجهود عظيمة في الدعوة إلى مذاهبهم، ونشر كتبهم، وإقناع الناس ممن حولهم، أو يسمع كلامهم بأن ما عندهم هو الحق وأن هذا اعتقاد كبار الشيوخ سلفا وخلفا. ويغضون من شأن الدعاة إلى مذهب السلف ويرمونهم بشتى التهم التى تنفر الناس منهم.
وأخطر ما يمثل هذا التيار: الأشعرية والصوفية، حيث إن لهما امتدادا عريضا في أماكن مختلفة من العالم الإسلامي، وساعد على ذلك أمور من أهمها:
1- تبني كثير من الجامعات والمراجع العلمية للمذهب الأشعري- أو الماتريدي - على أنه المذهب الحق الذي يجب أن يكون ضمن مناهج التعليم.
2- استمرار تبني هذا المذهب من خلال دروس المشايخ- في بعض البلاد منذ قرون مضت، وربطه في الغالب بالمذاهب الفقهية المشهورة، بحيث أصبح أمرا معهودا، وطريقة مسلمة [1] .
3- وفرة الكتب والمراجع المخطوطة والمطبوعة التى تخدم هذا المذهب، والتي نشرت وطبعت بتحقيق وبدون تحقيق.
4- الترابط- أو الامتزاج- الذي وقع بين المذهب الصوفي والأشعري، مما جعل الطرق الصوفية المختلفة تجعل العقيدة الأشعرية عقيدتها المفضلة. والتصوف وطرقه منتشر في غالب بلاد العالم الاسلامي، ولهم أنشطة واضحة ومتعددة.
ولكن هذه التيارات بإمكاناتها الكبيرة وجهودها المتواصلة يقابلها تيار قوي، منتشر في أنحاء العالم الإسلامي يتبنى عقيدة السلف ومنهجهم في الاستدلال، [1] يذكر الهراس أنهـ في العصور المتأخرة استقرت أحوال الأمة- في كثير من بلاد الإسلام- على تحريم أخذ الأصول بغير المذهب الأشعري. انظر ابن تيمية السلفي للهراس (ص: 19) .