معروفة عند العرب وكان يفتخر بأصحابها، وأن ما نشأ من البحث حول الاجتهاد في الأحكام الشرعية، وذلك بما يسمى بأصول الفقه إنما هو بداية ظهور الاتجاه العقلي عند المسلمين [1] .
فالذي يفهم من هذا أن السلف- رحمهم الله تعالى- كانوا يحترمون النصوص، ولكن من خلال منظار عقلي استخدموه ونشأ على أثره علم الكلام، فكيف يصح هذا على إطلاقه مع ما هو متواتر عن السلف من الإيمان والتسليم والثقة المطلقة بما جاءت به النصوص، وأن هذه الثقة توجد على أتمها حين ترد على النفس أو يورد بعض الناس- شبهات أو وساوس حولها؟.
د) وإذا كانت الآراء السابقة تنحو منحى خاصا في فهم المقصود بمذهب السلف، فإن هناك اتجاها آخر يزعم أصحابه أن مذهب السلف يشتمل على عدة اتجاهات وتيارات، وأن هذه التيارات وإن تباينت في المنهج- إلأ أنها تلتقى في أنها قامت ونشأت على يد علماء الإسلام ممن هم من أهل الدين والفضل والعلم بالأحكام، يقول ابن السبكي في شرح عقيدة ابن الحاجب: " اعلم أن أهل السنة والجماعة كلهم قد اتفقوا على معتقد واحد فيما يجب ويجوز ويستحيل وإن اختلفوا في الطرق والمبادى الموصلة لذلك، وبالجملة فهم بالاستقراء ثلاث طوائف:
الأولى: أهل الحديث، ومعتمد مبادئهم الأدلة السمعية: الكتاب والسنة والإجماع.
الثانية: أهل النظر العقلي، وهم الأشعرية والحنفية، وشيخ الأشعرية أبو الحسمن الأشعري، وشيخ الحنفية: أبو منصور الماتريدي، وهم متفقون في المبادئ السمعية فيما يدرك العقل جوازه فقط، والعقلية والسمعية في غيرها، واتفقوا في جميع المطالب الاعتقادية إلا في مسائل. [1] انظر: تمهيد لتاريخ الفلسفة الاسلامية، مصطفى عبد الرازق، (ص: 15 ا-123) ، وانظر: المدرسة السلفية، حسين نصار، (ص: 624- هـ 62) .