وإن كان المنكر أغلب نهى عنه، وإن استلزم فوات ما هو دونه من المعروف، ويكون الأمر بذلك المعروف المستلزم للمنكر الزائد عليه: أمرا بمنكر وسعيا في معصية الله ورسوله.
وإن تكافأ المعروف والمنكر المتلازمان: لم يأمر بهما، ولم ينه عنهما.
فتارة يصلح الأمر، وتارة لا يصلح لا أمر ولانهى، حيث كان المعروف والمنكر متلازمين، وذلك في الأمور المعينة الواقعة، وأما من جهة النوع فيؤمر بالمعروف مطلقا، وينهى عن المنكر مطلقا" [1] ، ويمثل لذلك في مكان آخر فيقول: " ولهذا لا يجوز إنكار المنكر بما هو أنكر منه، ولهذا حرم الخروج على ولاة الأمر بالسيف، لأجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن ما يحصل بذلك من فعل المحرمات وترك واجب، أعظم مما يحصل بفعلهم المنكر والذنوب، وإذا كان قوم على بدعة أو فجور، ولو نهوا عن ذلك وقع بسبب ذلك شر عظيم مما هم عليه من ذلك- ولم يمكن منعهم منه، ولم يحصل بالنهي مصلحة راجحة،-لم ينهوا عنه" [2] .
وهذه مسألة مهمة، ينبغي دراستها بعمق، ودراسة أصولها الشرعية لئلا يؤدي الأمر إلى نوع من الافراط أو التفريط في هذه المسألة التي اعتبرها بعض العلماء من أصول الدين.
ز- كان شيخ الاسلام لا يطلب رضى الناس، ويعلل ذلك بأن رضى المخلوقين غير ممكن، ولأننا مأمورون بأن نتحرى رضى الله تعالى، كما أن علينا أن لا نخاف إلا الله، ومن لزم هذه الطريقة كانت العاقبة له [3] .
ح- أمر بالاجتماع وعدم الفرقة، ويرى أن الاختلاف الذي ذكره الله في القرآن قسمان: قسم يذم فيه الطائفتان جميعا، وقسم يحمد فيه إحدى الطائفتين [1] رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (ص: 34) ت الجليند. [2] مجموع الفتاوى (14/472) . [3] انظر: مجموع الفتاوى (3/232-233) .