يقول: " ونحن نبين فساد طريق هؤلاء بالطرق الإيمانية والقرآنية تارة، وبالأدلة التى يمكن أن يعقلها من لا يستدل بالقرآن والإيمان؛ وذلك لأنا في مقام المخاطبة لمن يقر بأن ما أخبر به الرسول حق، ولكن قد يعارض ما جاء منه عقليات يجب تقديمها عليه، وإذا كنا في مقام بيان فساد ما يعارضون به من العقليات على وجه التفصيل، فذلك- ولله الحمد- هو علينا من أيسر الأمور ".
" ونحن- وللهالحمد- قد تبين لنا بيانا لا يحتمل النقيض فساد الحجج المعروفة للفلاسفة والجهمية والقدرية ونحوهم، التي يعارضون بها كتاب الله، علمنا بالعقل الصريح فساد أعظم ما يعتمدون عليه من ذلك، وهذا- ولله الحمد- مما زادنا الله به هدى وإيمانا، فإن فساد مما يؤيد معرفة الحق ويقويه، وكل من كان أعرف بفساد الباطل، كان أعرف بصحة الحق ... " [1] .
والمقصود هنا أن معرفة ما يعارض الكتاب والمرسلين كنبوة مسيلمة ونحوه
من الكذابين، وأقاويل أهل الالحاد الذين يعارضون بعقولهم وذوقهم ما جاء به الرسول كلما ازداد العارف معرفة بها بما جاء به الرسول، تبين له صدق ما جاء به الرسول وبيانه وبرهانه، وبطلان هذه وفسادها وكذبها " [2] .
3- ويقول- في موضع آخر- معللا كثرة ردوده على ملاحدة الصوفية والجهمية، بأن هؤلاء ظهروا وانتشروا، وكثير من الناس يثق فيهم بل ويجعلهم أهل التحقيق، ويقول: " ولولا أن أصحاب هذا القول كثروا، وظهروا وانتشروا، وهم عند كثير من الناس سادات الأنام، ومشايخ الاسلام، وأهل التوحيد والتحقيق، وأفضل أهل الطريق، حتى فضلوهم على الأنبياء والمرسلين واكابر مشايخ الدين، لم يكن بنا حاجة إلى بيان فساد هذه الأقوال، وإيضاح هذا الضلال، ولكن يعلم أن الضلال لا حد له، وأن العقول إذا فسدت لم يبق لضلالها حد معقول، فسبحان من فرق بين نوع الإنسان فجعل منه من هو أفضل العالمين، [1] الدرء (5/258) . [2] نفس المصدر (5/260) .