في مسائل الصفات فقط. يقول ابن تيمية مبينا ظروف تأليفه لهذا الكتاب وأسبابه: (اأما بعد فإني كنت سئلت من مدة طويلة بعيدة سنة تسعين وستمائة عن الآيات والأحاديث الواردة في صفات الله في فتيا قدمت من حماه، فأحلت السائل على غيري، فذكر أنهم يريدون الجواب مني زائد، فكتبت الجواب في قعدة بين الظهر والعصر وذكرت فيه مذهب السلف والأئمة المبني على الكتاب والسنة، المطابق لفطرة اللة التي فطر الناس عليها ... وحصل بعد ذلك من الأهواء والظنون ما اقتضى أن اعترض قوم على خفي هذه الفتيا بشبهات مقرونة بشهوات، وأوصل الى بعض الناس مصنفا لأفضل القضاة المعارضين، وفيه أنواع من الأسئلة والمعارضات، فكتبت جواب ذلك وبسطته في مجلدات، ثم رأيت أن هؤلاء المعترضين ليسوا مستقلين بهذا الأمر استقلال شيوخ الفلاسفة والمتكلمين، فالاكتفاء بجوابهم لا يحصل ما فيه المقصود للطالبين ... واستشعر المعارضون لنا أنهم عاجزون عن المناظرة التي تكون بين أهل العلم والايمان، فعدلوا إلى طريق أهل الجهل والظلم والبهتان، وقابلوا أهل السنة بما قدروا عليه من البغي باليد عندهم واللسان، نظير ما فعلوه قديما من الامتحان، وإنما يعتمدون على ما يجدونه في كتب المتجهمة المتكلمين، وأجل ما يعتمدون كلامه هو أبو عبد اللة الرازي إمام هؤلاء المستأخرين، فاقتضى ذلك أن أتم الجواب عن الاعتراضات المصرية الواردة على الفتيا الحموية بالكلام على ما ذكره أبو عبد الله الرازى في كتابه الملقب بتأسيس التقديس، لتبيين الفرق بين البيان والتلبيس، ويحصل بذلك تخليص التلبيس، ويعرف فصل الخطاب فيما في هذا الباب من أصول الكلام، التى كثر بسيها بين الأمة النزاع والخصام " [1] ثم تحدث عن منزلة الرازي عند المتكلمين.
وهذا الكتاب- للأسف الشديد- لم يصل إلينا كاملا وإنما وصل بعضه، وقد طبع جزء من هذا الذي وصل [2] ، وبعضه لا زال مخطوطا [3] ، [1] نقض أساس التقديس المخطوط (3/1- هـ) . [2] طبع مجلدان بتحقيق ابن قاسم، والأول منهما لم يتمحض للكتاب وإنما فيه تكميلات وضعت في صلب الكتاب من كتب ابن تيمية الأخرى. [3] في جامعة الملك سعود ثلاثة أجزاء مخطوطة- ليس في المطبوع منها شيء - ويلاحظ أن الثالث منها منزلته الثاني.