والتدريس والتأليف - وغنما كان رحمه الله - رابطا العلم بالعمل، فعلمه يدفعه إلى تحمل مسؤوليته فيبادر إلى القيام بالحق والجهاد في سبيل الله وردع أهل الباطل.
وحياة ابن تيمية كلها كانت جهادا، والكلام حول هذا الجانب يطول ولكن نشير إلى بعض الأمثلة:
أ - أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر:
وكانت له في ذلك مواقف عظيمة، منها:
1 - كسره للأصنام والأماكن التي تعظم من دون الله - وقد مضى نماذج من ذلك عند الحديث عن انتشار بعض الشركيات في عصره - كما كان في ديار مصر - ينهى عن إتيان المشاهد وتعظيمها، وكان ينهى الذين يحلفون إذا أرادوا تغليظ أيمانهم حلفوا عند مشهد الحسين [1] .
2 - موقفه من النصارى: لما تضاءل الوجود النصراني في بلاد الشام صارت قبرص موطنا لهم يأوون إليها وهي تحت حكم النصارى وكانوا أحيانا يأخذون معهم أسارى المسلمين، وقد أرسل شيخ الإسلام ابن تيمية رسالة إلى ملك قبرص - سرجوان - يدعوه فيها إلى الإسلام، ويفضح ما يفعله القسس والرهبان من الكذب على الناس مع معرفتهم أنهم على الباطل، ثم بعد أن ذكر ما عند الملك من الديانة ومحبة العلم وطلب المذاكرة، وحسن المعاملة، دعاه إلى الإسلام والاعتقاد الصحيح - بأسلوب يفيض رقة وأدبا مع مخاطبة العقل - ثم يقول: " وإن رأيت من الملك رغبة في العلم والخير كاتبته وجاوبته عن مسائل يسألها، وقد كان خطر لي أن أجيء إلى قبرص لمصالح في الدين والدنيا ... " [2] ، ثم عقب بعد ذلك بذكر مواقفه من التتار وكيف أنه لما خاطبهم بإطلاق الأسارى وكيف أبى إلا أن يطلق جميع الأسارى من اليهود والنصارى ولا يقتصر على المسلمين، ثم يقول بلهجة قوية:: فيا أيها الملك، كيف تستحل سفك الدماء [1] انظر ناحية من حياة شيخ الإسلام بقام خادمه (ص15 - 17) . [2] الرسالة القبرصية (ص54) .