responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : منهج علماء الحديث والسنة في أصول الدين نویسنده : حلمي، مصطفى    جلد : 1  صفحه : 255
المكتشفة بالتجارب العلمية في مجالات الحياة المختلفة والاستفادة منها.
وتبسيطًا للتعريف الثاني وتوضيحه، فإن الحضارة بهذا المعنى تعتبر عنوانًا على كل ما أحدثه الإنسان أو أبدعه أو بدله في كائن طبيعي، وجعل له قيمة.
وأبسط مثال على ذلك أن الحجر الذي نجده في الطبيعة كما خلقه الله - تعالى - هو طبيعي، بينما الحجر الذي صقلته يد الإنسان لتستخدمه في أمر ما هو حضاري [1] .
ولكننا نرى نقص هذا التعريف لأنه يشير فقط إلى ما استحدثه الإنسان في العالم الطبيعي من تغييرات تعبّر عن مواهب الإنسان وإمكانياته العقلية والجسدية وتكشف عن رغبة الإنسان في تذليل الصعاب التي تعترضه أثناء رحلة حياته الطويلة في الدنيا حيث أقام السدود للاستفادة من فيضانات الأنهار وقطع أشجار الغابات ليحولها إلى أراضي زراعية، وتسلح ضد الحيوانات المفترسة ليأمن على نفسه وأولاده وعشيرته إلى تشييد المنازل ورصف الطرق واختراع الآلات. ولعلنا نعيش الآن أرقى مرحلة اجتازها الإنسان، ولكننا لا نغفل أيضًا أعمال الإنسان في مجالات الحروب والتدمير فكلها من قبيل تدخل الإنسان في الطبيعة فهل تعد أيضًا من الأعمال الحضارية فما حكم صنع القنابل الذرية والهيدروجينية والصواريخ النووية والإشعاعات القاتلة المهلكة؟
إننا نرى أن أعمال الإنسان الحضارية (واللاحضارية) تعبر عن مداركه وقدرته إلى جانب غرائزه وشهوته ودوافعه، فإذا كان يبني وينشئ لجعل الحياة أسهل وأجمل وأمتع مدفوعًا بالقيم الأخلاقية ومستهدفًا إقامة الحق والخير والعدل فإنه يقيم حضارة حقيقية يسعد في ظلها الناس، أما إذا أخذ يخترع الأسلحة المدمرة ليقتل ويفتك بأعدائه ويعتدي على غيره ويفرض إرادته وينهب الخيرات ويستولي على أراضي غيره ومتملكاته طمعًا وحسدًا وإشباعًا لشهوة السيطرة والامتلاك والتعالي فإن محصلة ذلك تعبر عن أعمال لا حضارية.

[1] د. جورج عطية: من حضارتنا ص 16. منشورات دار النشر الجامعية - بيروت سنة 1956 م.
نام کتاب : منهج علماء الحديث والسنة في أصول الدين نویسنده : حلمي، مصطفى    جلد : 1  صفحه : 255
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست