21 ـ الإقرار بالرب ـ جل وعلا ـ أمر فطري مركوز في كل نفس ولهذا كانت دعوة الرسل إنما كانت إلى عبادة الله ـ وحده لا شريك له ـ وللتذكير بالربوبية لأن عامة الخلق مقرون به ـ سبحانه ـ حتى الكفار يقرون بأنه ـ تعالى ـ الخالق الرازق النافع الضار المحيي المميت، ولكن هذا الإقرار لم يجد شيئاً، ولم ينقذهم من النار.
22 ـ تظهر أهمية الإقرار بتوحيد الربوبية في أنه مقدمة لنتيجة، فإذا أقر العبد بأن الله ـ تعالى ـ هو الرب المتفرد بالربوبية وخصائصها استلزم ذلك حتماً أن ينتج عن إقراره هذا إقرار بتفرد الرب ـ جل وعلا ـ بالعبادة فيفرده بها وحده لا شريك له ولا يصرف منها شيئاً لغير الله ـ تعالى ـ إذ أنه لا يصلح أن يعبد إلا من كان رباً سيداً خالقاً بارئاً مصوراً، مالكاً رازقاً، معطياً نافعاً، محيياً مميتاً مدبراً لأمر الكون كله وذلك كله لا يثبت إلا لله ـ وحده ـ لا شريك له فوجب أن يكون هو المعبود وحده دون سواه.
23 ـ أصل الشرك في بني الإنسان والدافع إليه عند جميع فرق المشركين قديماً وحديثاً إنما هو تعلقهم بأذيال الشفاعة الباطلة وزعمهم اتخاذ الأولياء والشفعاء إنما هو لأجل يقربوهم إليه زلفى، وإلا فهم يعتقدون أنها لا تخلق ولا ترزق، ولا تملك من الأمر شيئاً، وهذا من أقبح الأعذار لإقدامهم على أشد الذنوب وأقبحها حرمة عند الله تعالى.
24 ـ الشرك بالله أظلم الظلم وهو أشد ذنب عصي الله به ولذلك رتب الله عليه من العقوبات الدنيوية والأخروية ما لم يرتبه على ذنب سواه من إباحة دماء أهله وأموالهم وسبي ذراريهم ونسائهم وعدم مغفرته من بين الذنوب إلا بالتوبة منه، وإذا وقع فيه الإنسان أحبط عمله وصار من الخاسرين.
25 ـ الإيمان بالملائكة يتضمن التصديق والاعتقاد الجازم بأن لله ـ تعالى ـ ملائكه موجودون، مخلوقون من نور، وأنهم كما وصفهم الباري ـ سبحانه ـ عباد مكرمون يسبحون الله الليل والنهار لا يفترون، ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وأنهم قائمون بوظائفهم التي أسندها الله إليهم، ويجب الإيمان بمن ورد تعيينه باسمه الخاص به كهاروت وماروت، وجبريل وميكائيل على التفصيل، أما من لم يرد تعيينه باسمه الخاص، أو لم يشتهر بعمل معين، فيجب الإيمان بهم إجمالاً، ولا يعلم عددهم إلا الله ـ سبحانه وتعالى ـ.