الملك لا المملوك الذي لا يملك شيئاً {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} يقول: ثم إلى الله مصيركم وهو معاقبكم على إشراككم به إن متم على شرككم"أ. هـ1.
وقال البيضاوي: عند قوله تعالى: {قُلْ لله الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً} الآية، لعلَّه رد لما عسى يجيبون به، وهو أن الشفعاء أشخاص مقربون وهي تماثيلهم، والمعنى أنه مالك الشفاعة كلها لا يستطيع أحد شفاعة إلا بإذنه ولا يستقل بها2 وقوله: {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} تقرير لبطلان اتخاذ الشفعاء من دونه بأنه مالك الملك كله لا يملك أحد أن يتكلم في أمره دون إذنه ورضاه فيدخل في ذلك ملك الشفاعة فإذا كان هو مالكها بطل اتخاذ الشفعاء من دونه كائناً من كان وسيعلمون حقيقة ذلك إذ وقفوا بين يدي الله يتبين لهم أنهم لا يشفعون ويخيب سعيهم في عبادتهم. قال العلامة ابن القيم حول الآية السابقة:
"فأخبر أن حال ملكه للسموات والأرض يوجب أن تكون الشفاعة كلها له وحده وأن أحداً لا يشفع عنده إلا بإذنه فإنه ليس بشريك بل مملوك محض بخلاف شفاعة أهل الدنيا بعضهم عند بعض. أ. هـ3.
والشفاعة التي أثبتها المشركون لأصنامهم صرح القرآن ببطلانها ونفيها في مواضع كثيرة.
قال تعالى: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} 4.
قال في تيسير العزيز الحميد: في هذه الآية رد على المشركين الذين اتخذوا الشفعاء من دون الله من الملائكة والأنبياء والأصنام المصورة على صور الصالحين وغيرهم وظنوا أنهم يشفعون عنده بغير إذنه فأنكر ذلك عليهم" أ. هـ5
1- جامع البيان: 24/9 ـ 10.
2- أنوار التنزيل 2/324.
3- إغاثة اللهفان 1/222.
4- سورة البقرة آية: 255.
5- ص240.