أحمد: "التوكل عمل القلب1 ولكن لا يتحقق إلا بالعلم: إذ العلم إما شرط فيه وإما جزء من ماهيته، والمقصود إن القلب متى كان على الحق تعظم طمأنينته ووثوقه بالله، وإذا كان منحرفاً مائلاً إلى الباطل علماً وعملاً، أو أصيب بأحدهما فإن ثقته واطمئنانه بالله معرَّضان للزوال فيكون لا ضمان له عند الله ولا عهد له عنده"2. نعوذ بالله من ذلك. التوكل والأسباب:
إن التوكل على الله تعالى لا ينافي اتخاذ الأسباب بل إن التوكل لا يتم إلا إذا اتخذ الإنسان لكل عملٍ يريده الأسباب التي توصله إلى تحقيقه فالله سبحانه وتعالى قد ربط المسببات بأسبابها.
بل إن الإنسان ينساق إلى الأخذ بالأسباب بمقتضى فطرته وبمقتضى التكليف الشرعي فإذا قال الإنسان أنا متوكل على الله في تحصيل رزقي ولم يتخذ الأسباب التي توصله إلى ذلك وتحقق له مطلبه فهو مخالف للفطرة ومخالف لشرع الله الذي جاء الأمر فيه باتخاذ الأسباب قال تعالى: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} 3. وقال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ} 4.
وقال سبحانه وتعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} 5.
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً} 6 وغيرها من الآيات كثير في الأمر بالأخذ بالأسباب مع التوكل على الله في إتمام الأمور التي يسعى العبد في تحصيلها لأن التوكل من أعظم الأسباب وأنفعها في دفع المضار وجلب المنافع، فلا بد من الأخذ بالأسباب التي توصل الإنسان إلى تحقيق حاجاته والحصول على مطالبه، ومن قال بنفي الأسباب فتوكله مشوب ومدخول.
1- طريق الهجرتين وباب السعادتين ص257.
2- طريق الهجرتين ص257 وانظر مدارج السالكين م2/117 ـ 118، ص 120 ـ 121.
3- سورة الملك آية: 15.
4- سورة الأنفال آية: 60.
5- سورة البقرة آية: 197.
6- سورة النساء آية: 71.