وأما الجمع بين التوكل والإيمان فكقوله ـ سبحانه وتعالى ـ {قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} 1.
وقوله: {اللهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} 2.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى: "فذكر اسم الإيمان هنا دون سائر أسمائهم دليل على استدعاء الإيمان للتوكل، وأن قوة التوكل وضعفه بحسب قوة الإيمان وضعفه، وكلما قوي إيمان العبد كان توكله أقوى، وإذا ضعف الإيمان ضعف التوكل، وإذا كان التوكل ضعيفاً فهو دليل على ضعف الإيمان ولا بد" أ. هـ3.
وأما الجمع بين التوكل والإسلام: فمثل قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} 4.
ومثال الجمع بين التوكل والتقوى: ففي قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} 5.
وأما اقتران التوكل بالهداية ففي قول رسل الله عليهم الصلاة والسلام لأممهم {وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا} 6.
فالعبد إذا سلك طريق الحق والهدى يكون قوياً في توكله على ربه ـ تبارك تعالى ـ ومن اعتمد على ربه كفاه كلما أهمه وما لم يهمه قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} 7 "أي: الله وحده كافيك وكافي أتباعك فلا تحتاجون معه إلى أحد".
وقيل: المعنى حسبك الله وحسبك المؤمنون، وهذا خطأ محض لا يجوز حمل الآية
1- سورة الملك آية: 29.
2- سورة التغابن آية: 13.
3- طريق الهجرتين ص255.
4- سورة يونس آية: 84.
5- سورة الطلاق آية: 2 ـ 3.
6- سورة إبراهيم آية: 12.
7- سورة الأنفال آية: 64.