وظاهره، وهو أول دعوة المرسلين وآخرها، ومن أجله خلق الله الخلق قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} 1.
قال العلامة ابن القيم: "إن الله ـ سبحانه ـ إنما خلق لعبادته الجامعة لمحبته والخضوع له وطاعته وهذا هو الحق الذي خلقت به السموات والأرض، وهو غاية الخلق والأمر، ونفيه كما يقول أعداؤه: هو الباطل والعبث الذي نزه نفسه عنه أن يترك الإنسان عليه وهو ـ سبحانه ـ يحب أن يعبد ويطاع، ولا يعبأ بخلقه شيئاً لولا محبتهم له، وطاعتهم له، ودعاؤهم له، وقد أنكر على من زعم أنه خلقهم لغير ذلك، وأنهم لو خلقوا لغير عبادته وتوحيده وطاعته لكان خلقهم عبثاً وباطلاً وسدى، وذلك مما يتعالى عنه أحكم الحاكمين، والإله الحق، فإذا خرج عن أحب الأشياء إليه، وعن الغاية التي لأجلها خلقت الخليقة، وصار كأنه خلق عبثاً لغير شيء إذ لم تخرج أرضه البذر الذي وضع فيها بل قلبته شوكاً ودغلاً، فإذا راجع ما خلق له، وأوجد لأجله فقد رجع إلى الغاية التي هي أحب الأشياء إلى خالقه وفاطره، ورجع إلى مقتضى الحكمة التي خلق لأجلها وخرج عن معنى العبث والسدى والباطل فاشتدت محبة ـ الرب ـ له فإن الله يحب المتطهرين"اهـ2.
ومن أجل هذا النوع من أنواع التوحيد ـ توحيد الألوهية ـ انقسم الخلق إلى مؤمنين وكافرين.
قال شيخ الإسلام: "وهذا التوحيد هو الفارق يبن الموحدين والمشركين وعليه يقع الجزاء والثواب في الأولى والآخرة فمن لم يأت به كان من المشركين"3.
1- سورة الذاريات آية: 56.
2- مدارج السالكين 1/215، وانظر مجموع الفتاوى 1/23.
3- الحسنة والسيئة ص126.