ذلك ولا يذكر نفسه بصيغة التثنية قط لأنها تدل على العدد المحصور وهو ـ سبحانه ـ منزه عن ذلك1.
وبهذا تبطل شبهة المعطلين القائلين إن اليد قد أفردت في بعض الآيات وجاء بلفظ الجمع في بعضها، فلا دليل لهم في ذلك فإنما يصنع بالاثنين قد ينسب إلى المفرد تقول: رأيت بعيني، وسمعت بأذني والمقصود عيناي وأذناي وكذلك الجمع يأتي بمعنى المثنى كما قدمنا ذلك قريباً.
فكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قد دلا دلالة قاطعة على أن ـ للباري سبحانه وتعالى ـ يدين مختصتين به ذاتيتين له، كما يليق به، وأنه ـ تعالى ـ خلق آدم بيديه دون الملائكة وإبليس.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "احتج آدم وموسى عليهما السلام فقال موسى لآدم: يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة فقال له آدم أنت موسى أصطفاك الله بكلامه وخط لك في الألواح بيده أتلومني على أمر قضاه الله علي قبل أن يخلقني بأربعين عاماً" فقال رسول الله: "فحج آدم موسى"2.
قال ابن خزيمة: فكليم الله موسى خاطب آدم عليهما السلام شفاهاً أن الله خلقه بيده ونفخ فيه من روحه على ما هو مخطوط بين الدفتين من إعلام الله ـ جل وعلا ـ عباده المؤمنين أنه خلق آدم عليه السلام بيده3.
وجاء في حديث الشفاعة الطويل الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "يجمع المؤمنون يوم القيامة فيهتمون فيقولون: لو استشفعنا على ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا فيأتون آدم فيقولون: يا آدم أنت أبو الناس خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء اشفع لنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا ... " الحديث4.
1- رسالة التدمرية مع شرحها التحفة المهدية 1/129.
2- صحيح البخاري 4/300، صحيح مسلم 4/2042.
3- كتاب التوحيد ص55.
4- صحيح البخاري 4/279، صحيح مسلم 1/180.